في أول تجربة طويلة له يرصد المخرج التونسي مصلح كريم في فيلمه ”باب الفلّة”، واقعا مؤلما لفئة من التونسيين، فصورّ بؤسهم وفقرهم انطلاقا من قصة حب كانت نهايتها مأساوية، كما لم يغفل بالإشارة إلى الاضطهاد الذي تمارسه السلطة على شعبها دون مبالاة منها بوضعهم المزري. يروي ”باب الفلة” الذي تم تقديمه عرضه الأولّ بالجزائر، أول، أمس، بقاعة الموقار، بالعاصمة، في إطار فعاليات مهرجان الجزائر للسينما المغاربية، قصة صحفي ايطالي عجوز يدعى ”جياني” يقيم في دار للمسنين أين يزوره الموت فجأة ويطلب منه سرد قصة عاشها ودوّنها في إحدى مخطوطاته ويخص بالتفسير عبارة ”كل شيء يوجد في باب الفلة” فيرفض ”جياني” في البداية ثم يجاري الموت في رغباته ويروي له ما حدث في ”باب الفلة” أحد أحياء تونس العتيقة بتناقضاته وخصوصياته وفي أحداث الرواية تتشابك العلاقات الإنسانية وتتولد عنها مشاعر بعضها يصارع الحب والرغبة في إثبات الذات وبعضها الآخر تأخذه مطامعه بعيدًا بعيدا كما لم تغب حال المثقف المهمش عن شفرات هذا الإنتاج السينمائي التونسي الجديد الذي جسد أدواره في تصوير لجون ميران كل من الفنان علي بنور والنجمة درة زروق والممثلة المغربية نفيسة شهيدة. اعتمد المؤلف على السرد غير الخطّي في نص شكّل رواية داخل الرواية تداولت على سردها شخصيتان شخصية غير فاعلة في الأحداث، وهو الصحفي طارق الذي اتخذ شكلا دور ”السكريبت” جسّم ذاكرة القصة أما الشخصية الثانية فهو بطل الفيلم عليّ بنور الذي وظّفه المؤلف في دور استبطاني مسترجعا أحداث هذه الرواية التي تمازج فيها المكان والزمان على قدر تمازج الماضي مع الحاضر في جدلية الواقع والمنشود ضمن عملية نقدية اعتمدت على طريقة التداعي الحر النفسية الفرويدية بين الصحفي و”جياني” الشخص من جهة وبين عقل ”جياني” وعاطفته كشخصية محورية في القصة من جهة أخرى من خلال مواقف خلفت أحداثا جمعت بين الشحنات الرومانسية والدرامية وصولا إلى التراجيدية. يذكر أنّ الفيلم التونسي”باب الفلة” للمخرج وكاتب السيناريو مصلح كريم قد حصد جائزة أحسن ممثل ضمن مسابقات مهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب في مارس من العام الماضي والتي توج بها الممثل علي بنّور عن دور البطولة في هذا العمل. وترتكز فكرة ”باب الفلة” الرئيسية حول مشاكل المجتمع التونسي إجمالا والعنف الذي بدأ يستشري لدى التونسيين من خلال تقديم نماذج عن هذا المجتمع تجسدها مجموعة من الشخصيات.