لم تعرف الانتخابات الرئاسية التركية أي نوع من أنواع المفاجآت، فقد فاز رجب طيب أردوغان المرشح الأوفر حظا منذ بدأ الحملة الانتخابية بنسبة 51.8 بالمائة، وبعد هذا الفوز يكون أردوغان قد حصل على رقم قياسي في بقائه في السلطة بعد مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة العلمانية التي نشأت على أطلال الدولة العثمانية. استطاع مرشح حزب التنمية والعدالة رجب كيب أردوغان أن يفتك لنفسه مكانا كأول رئيس منتخب انتخابا مباشرا للبلاد، وذلك بتحصله على نسبة 51.8 بالمائة، من مجموع أصوات المواطنين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد، بينما تحصل المرشح التوافقي لأحزاب المعارضة كمال الدين إحسان أوغلو على نسبة 38 في المائة، أما مرشح حزب الشعب الديمقراطي اليساري، والذي يعتبر أيضا مرشح الأقلية الكردية صلاح الدين ديمرداش فحصد نسبة تجاوزت 9 بالمائة. وفور إعلان النتائج الأولية الرسمية للانتخابات، وفي انتظار تعيينه بصفة رسمية يوم 28 أوت الجاري، توجه رجب طيب أردوغان إلى منصة الخطاب، للإدلاء بكلمة للشعب التركي، أكد من خلالها عزمه على مواصلة بناء تركيا الجديدة، كما وعد بأن يكون ”رئيسا ل 77 مليون تركي”، داعيا إلى تخطي ”خلافات الماضي”. وعن اتهامه بالاستبداد والدكتاتورية، رد أردوغان في نفس الكلمة قائلا: ”على هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم، فنحن نتذكر جيدا ما عانيناه عندما كنا في المعارضة”، وتعهد أردوغان بممارسة صلاحيات الرئاسة بالكامل بموجب القوانين الحالية، وذلك بخلاف سابقيه من الرؤساء ممن لعبوا دورا شرفيا، إلا أنه لم يخف نيته في تعديل الدستور لصياغة رئاسة ذات دور تنفيذي، حيث كشف عن نواياه بإجراء تغييرات جذرية في البلاد، أبرزها كتابة دستور جديد، ونقل صلاحيات من منصب رئيس الوزراء إلى منصب الرئيس الذي كان فخريا في السابق، كما لم يغفل رئيس تركيا الجديد في خطابه معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث أكد أن سلطات بلاده ستعمل على نقل الجرحى للعلاج في تركيا. وأثارت الكلمة التي افتتح بها أردوغان بشأن ”ولادة تركيا الجديدة”، مخاوف الكثير من معارضيه، الذين يخشون من سعي هذا الرجل إلى الاستمرار في الاستئثار بالسلطة، وتوسيع صلاحيات الرئاسة، كما يخشى هؤلاء من تأثير جذوره الإسلامية، وعدم تقبله للمعارضة على إبعاد الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي عن مبادئ أتاتورك العلم، وذلك بالرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته تركيا بتوليه رئاسة الحكومة، حيث شهد له إعادة الانتعاش الاقتصادي، وتسديد الديون، وإعادة الاعتبار للعملة التركية. وشرع الحزب الحاكم في تركيا يوم أمس في إجراء مشاورات بشأن شكل الحكومة المقبلة بعد أن ضمن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اأدوغان لنفسه مكانا كأول رئيس منتخب انتخابا مباشرا للبلاد، وخلال الأسابيع القادمة سيرأس أردوغان للمرة الأخيرة اجتماعات حزب التنمية والعدالة، كما سيشرف على اختيار رئيس الوزراء القادم.