الإسلام وأصول الحكم لعلي عبد الرزاق تابع: الرسالة والحكم 5/ لا شك أن الحكومة النبوية كان فيها بعض ما يشبه أن يكون من مظاهر الحكومة السياسية وآثار السلطنة والملك. 6/ أول ما يخطر بالبال مثالا من أمثلة الشؤون الملكية، التي ظهرت أيام النبي صلى الله عليه وسلم، مسألة الجهاد فقد غزا صلى الله عليه وسلم المخالفين لديه من قومه العرب، وفتح بلادهم ، وغنم اموالهم، وسبى رجالهم ونساءهم، ولاشك في أنه صلى الله عليه وسلم قد امتد بصره إلى ما وراء جزيرة العرب، واستعد للانسياب بجيشه في اقطار الأرض، وبدأ فعلاً يصارع دولة الرومان في الغرب، ويدعوا إلى الانقياد لدينه كسرى الفرس في الشرق، ونجاشي الحبشة ومقوقس مصر الخ وظاهر أول وهلة أن الجهاد لا يكون لمجرد الدعوة إلى الدين ولا لحمل الناس إلى الإيمان بالله ورسوله، وانما يكون الجهاد لتثبيت السلطان، وتوسيع الملك. دعوة الدين دعوة إلى الله تعالى، وقوام تلك الدعوة لا يكون إلا البيان وتحريك القلوب بوسائل التأثير والاقناع فأما القوة والإكراه فلا يناسبان دعوة يكون الغرض منها هداية القلوب، وتطهير العقائد.وما عرفنا في تاريخ الرسل رجلاً حمل الناس على الايمان بالله بحد السيف، ولا غزا قوماً في سبيل الاقناع بدينه، وذلك هو نفس المبدأ الذي يقرره النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يبلغ من كتاب الله، قال تعالى، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغّي”. ..يتبع