كان ل”الفجر” حديثا مع أحد رموز الأغنية السطايفية الصالح العلمي، على هامش سهرات مهرجان جميلة العربي في طبعته العاشرة، ابن مدينة العلمة الذي أطلق العنان لحنجرته لتغني منذ أزيد من ثلاثين سنة. أحرق العديد من الميكروفونات بإذاعة بصرخة ”الصراوي” المدوية الضاربة في أعماق ثقافة الهضاب العليا، فحدثنا عن هذا الطابع الذي يخاف عليه من الاندثار، طالما يعشقه من الصغر. أكد الصالح العلمي أن ”الصراوي” يعد أحد رموز الثقافة السطايفية الذي كان له صدى كبير منذ ظهوره وحتى الآن وهو فن من أهم فنون الاستعراضات الفنية التقليدية الخاصة والسائدة في المنطقة وهو أيضا الطابع الغنائي الأول الذي كان راسخا لدى سكان المنطقة، وحسب محدثنا فإن هذه الصرخة الأصيلة ورغم اختلاف الآراء حول كيفية وأسباب ظهورها إلا أنه لا يوجد اختلاف في أن المرأة هي أول من أدى هذا النوع من ”الموال” مؤكدا أن الباحثين في أعماق الثقافة السطايفية يرجعون تسمية الصراوي نسبة إلى ”الصرا” وهي المرتفعات الجبلية التي تتميز بها المنطقة والتي ساهمت في سهولة انتشار هذا النوع من الغناء، كما أن هناك من يرجع أسباب التسمية أيضا نسبة إلى شجرة ”السرو” الموجودة في المرتفعات. وحسب المتحدث فإن هذا الطابع يرتكز أساسا على قوة وارتفاع خامة الصوت ليصل إلى ابعد منطقة وهذا هو هدف النسوة اللاتي كن يغنيين هذا النوع الصعب من الغناء ليضيف محثنا ”تقول الحكايات القديمة أن المرأة كانت تصعد إلى أعالي الجبال بعيدا عن الملأ وتطلق العنان لصوتها العالي جدا حيث تعبر على ما يجوب في داخلها من أحاسيس ومشاعر يكون الصرواي هو ملاذها الوحيد للخروج من بوتقة المجتمع القاسي الذي تعيش فيه وبالتالي يمكنها الصراوي من التخلص من بعض المكبوتات التي تفرضها العادات والتقاليد الصارمة، وخاصة في المناطق الريفية التي كانت تعاني فيها المرأة كثيرا”. أضافت الصالح العلمي بأنّ الصرواي بعد بداياته المحتشمة باقتصاره على العنصر النسوي تطور وأصبح حتى الرجال يؤدون هذا الموال، خاصة في استعراضات الفروسية والأعراس وارتبط بعدها بقصص اجتماعية كما تغنى بكل المواضيع الثورية وحب الوطن، التباهي بالفرسان والمنتج الفلاحي وغيرها من المواضيع الأخرى، مؤكدا بأن هذا الفن تراجع بشكل رهيب في الآونة الأخيرة.