لن أصدق ما نقلته “الفجر” أمس على لسان ما بات يعرف بلجنة “الوفاء” في جبهة التحرير، لبلخادم، بأن الشرطة الفرنسية حققت مع سعداني الأمين العام لجبهة التحرير في تهم تتعلق بتبييض الأموال والكسب غير المشروع. ليس لأن عمار سعداني غير متورط في تهريب الأموال، ولا لأنه بريء من التهم، بل لأنني لا أثق في ما يأتي من جانب فرنسا عندما يتعلق الأمر بفساد في السلطة عندنا. إن فعلت الشرطة هذا حقا، وحققت مع سعداني، فليس لمعرفة مصادر الأموال المهربة التي تحدثت عنها الصحافة الفرنسية، والتي كشف عنها صاحب موقع “موند أفريك” نيكولا بو، في عديد المقالات. إن فعلت الشرطة هذا، فالأمر يتعلق بانتقام من الأفالان التاريخي، ومجرد تمريغ اسم الأفالان في أوحال المحاكم يشبع رغبات بعض الناقمين على الجزائر، وعلى الأفالان التاريخية. ها هو سعداني يعطي العدالة الفرنسية فرصة لمحاكمة الأفالان، ولو بطريقة غير مباشرة، من خلال هذه القضية المتورط فيها أحد الدخلاء على الجبهة. قلت لا أصدق نية فرنسا في فضح فساد سعداني والتحقيق في مصادر الأموال، لأنها ما كانت لتقبل بتحويل مبالغ ضخمة، مثل تلك التي تحدثت عنها وسائل الإعلام، إلى بنوكها دون مبرر ودون معرفة مصادرها، إلا إذا كانت تريد إثبات التهمة على سعداني، تهمة السرقة وتبييض أموال الفساد، وبالتالي تطبيق الحجز عليها وتحويلها إلى الخزينة الفرنسية، وهي مبالغ هامة (300 مليون دولار) لا يستهان بها في ظل الأزمة التي تعيشها فرنسا هذه السنوات. ثم لماذا محاسبة سعداني دون غيره؟ والتغاضي عن المئات الآخرين والملايير من الأموال المهربة إلى بنوك فرنسا؟! بسبب غباء الرجل الذي راح يحارب الطواحين الهوائية مثل دون كيشوت متكئا على صداقته مع محيط الرئيس التي لا يفوّت فرصة إلا ويتفاخر بها. لا أفرح إذن للمحاسبة التي تقوم بها العدالة الفرنسية عندما يتعلق الأمر بجرائم تخص الجزائر والمال العام الجزائري، والمحاكمة أو المحاسبة الحقيقية يجب أن تتم هنا، ومن طرف العدالة الوطنية، إذا ما توفرت لها استقلالية حقيقية، وفي هذه الحال لن يكون ملف سعداني إلا نقطة من بحر صاخب الأمواج، وتفتح كل ملفات الفساد، وليس ملف سعداني وحده. ولماذا لا تفتح ملفات بلخادم مثلا، فهل هو بريء من الفساد مثلما يتشدق بذلك أتباعه في لجنة “الوفاء” هذه؟! أليس هو من أدخل تقاليد الترشح بالشكارة في الجبهة، وهو من استعان بالبلطجية في لقاء اللجنة المركزية في نزل الرياض في جوان 2012 ونشرت صور لابنه وهو يضرب معارضي والده في الجبهة؟! لا أقول هذا الكلام لأن بلخادم يقبع اليوم في خانة المغضوب عليهم، ومرغ مؤخرا في الأرض من قبل ولي نعمته، فشخصيا لا أؤيد قرار منعه من أي نشاط سياسي إلا بقرار سيد من قبل اللجنة المركزية للحزب، وبالأدلة التي تدينه حقا. ولكن هذا لا يعني أن بلخادم أنظف من سعداني، أو غيره ممن تقلدوا المناصب في هرم السلطة، لكن أن يقذف به عظم للإعلام وللعدالة الفرنسية، فالأمر ليس بالبريء. لا أقول هذا دفاعا عن سعداني، لكنني لا أثق أبدا في العدالة ولا الشرطة الفرنسية عندما يتعلق الأمر بالجزائر ورموزها؟!