من الصعوبة بمكان خلو علاقة أي مدرب بفريقه من المنغصات مهما كانت كفاءة المدرب أو إنجازات الفريق، وما صرح به السويسري جروس، مدرب فريق الأهلي، أخيرا، مثال على ذلك. وأتوقع أن يكون إبعاد الكولومبي بالومينو، أو على الأصح عدم الاعتماد عليه كلاعب أساسي، مؤرقا لهذا المدرب الجديد، الذي يرى فيه الأهلاويون الكفاءة التي يمكن أن تقود إلى الإنجاز المنتظر. عندما يجلس لاعب يملك إمكانات جيدة، وسبق أن كان أساسيا في دكة البدلاء، لا بد أن يخلق توترا ويستدعي طرح علامات استفهام متعددة، فما بالك حين يكون اللاعب الأجنبي يكلف أموالا طائلة؟! مشوار المحور الأهلاوي بالومينو مر ب3 محطات. البداية كانت ممتازة، واعتبر الكولومبي لاعب محور من الطراز الذي يبحث عنه الفريق، ثم حدث التراجع، وربما فرض الخلاف نفسه، أو استجدت ظروف لم تمكن بالومينو من الاستمرار، وأخيرا عاد هذا الموسم بعد أن افتقده الأهلاويون الموسم الماضي، ولم تكن هناك نية للبحث عن غيره. وهذه المرة لم يكن بالومينو محظوظا أيضا؛ لأن المدرب الجديد جروس ليس مقتنعا به. بالتأكيد لم تكن صدمة لبالومينو وحده؛ بل للإدارة والجمهور الأهلاوي. يقول جروس إن تيسير الجاسم ووليد باخشوين أفضل من يمثل الفريق في المحور الدفاعي، أما بالومينو فلا يخدم الخطة. والواقع أن مثل القرارات غير المتوقعة تتكرر هنا وهناك، محليا وعالميا، وعندما يرفض نجم كبير ولا يشارك كلاعب أساسي، فإما أن يكون السبب عدم الاقتناع بمستوى اللاعب أصلا، أو عدم الاقتناع بأسلوب اللاعب، وهناك فرق بلا شك. فرق بين أن يعترف المدرب بقدرة اللاعب، ولكنه يرى أنه ليس مطلوبا، وبين عدم الاعتراف بكفاءة اللاعب. في حالة بالومينو، يبدو واضحا أن جروس مقتنع بالكفاءة، ولكنه يبحث عن اللاعب الذي ينسجم ويتلاءم مع فكره واستراتيجيته. وهناك أمثلة محلية وعالمية في هذا السياق، حيث يجمد بعض النجوم ليس لعدم الاقتناع بمستوياتهم؛ بل لأسباب أخرى قد تكون فنية أو شخصية. مدرب يرفض لاعبا جيدا؛ لأنه إما أن يكون بطيئا، أو عصبيا، أو لا ينفذ الشق الدفاعي كما يجب، فثمة أسباب فنية كثيرة؛ لكن الأسباب الشخصية مزعجة وتسيء إلى اللاعب، وقد تسيء إلى المدرب أيضا، إن كان من النوع الحساس أو الحاقد الذي يرفض التنازلات. بعيدا عن أسباب عدم إدخال بالومينو القائمة الأساسية، أعود وأقول إن هذا المثال يؤكد مجددا أهمية أن تحضر المدرب قبل اللاعب، لا سيما إن كان من خارج الحدود، ومن أكبر أخطاء إدارات الأندية السعودية أنها لا تقدر أهمية التراتبية وآلية العمل المنهجي وتسلسله، فتأتي باللاعبين قبل المدرب! بالومينو مجرد حالة، ولو أردنا أن نفتش عن حالات مشابهة محليا وعالميا فسنجد الأسماء بالآلاف، خاصة في أنديتنا، حيث فوضى التعاقد، أما المصيبة فهي في رفض اللاعب الأجنبي من قِبَل المدرب، إن كان من نوعية المدربين الذين يبحثون عن المكاسب المالية، بمعنى القيام بدور السمسار، وما أكثر الحكايات في هذا الموضوع!