يقود المدرب الإسباني راؤول كانيدا فريق النصر لكرة القدم هذا الموسم، ومع أن بطل دوري عبد اللطيف جميل الموسم الماضي ما زال متصدرا هذا الدوري حتى كتابة هذه السطور، إلا أن أداء النصر تعرض لانتقادات كثيرة، خصوصا فيما يتعلق بالأسلوب. وفي هذا السياق يؤكد كانيدا أن فريقه ما زال يحتفظ بروح الإصرار على تحقيق اللقب مجددا، مع رغبة في انتهاج فلسفة لعب تعتمد على امتلاك الكرة والتحكم بها، ويبدو كانيدا متفائلا على الرغم من الانتقادات، حيث يصر على التغيير، علما بأن اللاعبين - على حد قوله - باتوا يتقبلون الأسلوب الجديد، خصوصا أنه يمتلك لاعبين جيدين ومناسبين جدا لتنفيذ النهج الجديد، وهم أدوات النجاح. يؤكد كانيدا أن طريقة اللعب في الشرق الأوسط لا يوجد فيها تحكم بالمباراة، ولا توجد نزعة اهتمام بالاستحواذ، وكل ما يفعله اللاعبون يتمثل في مراوغة الخصوم والاعتماد على الكرات المرتدة فقط، وهذا الأسلوب غير موجود في المسابقات الأوروبية الكبيرة. ويستغرب كانيدا الأصوات التي تركز على ضرورة اللعب بمهاجم أو مهاجمين دون الاهتمام بصناعة اللعب والحفاظ على المرمى من دخول الأهداف. عندما قرأت رأي كانيدا تذكرت آراء عدد من كبار مدربي العالم، كان آخرهم مدرب ريال مدريد أنشيلوتي، الذي أكد في تصريح مهم له مطلع الموسم أنه يريد من لاعبيه أن يستحوذوا على الكرة أطول فترة ممكنة، وأن هذا الأسلوب طريق النجاح، والفريق الذي يسعى إلى التفوق لا بد أن يفرض سيطرته بالاستحواذ، وأضيف شخصيا أن المدرب الناجح في المقابل لا بد أن يؤمن خط الدفاع كما يفعل المدرب الكبير مورينهو، الذي يعد أفضل من يلجأ إلى التأمين الدفاعي، ثم البدء بهجمات مرتدة منظمة تشكل خطورة كبيرة. فالمدرب الشهير فان غال أشار إلى مسألة الاستحواذ أيضا؛ الأمر الذي يؤكد أهمية اللعب المنظم، ومن يملك عناصر جيدة لا بد أن يستغل هذه الميزة باللجوء إلى الاستحواذ، وبناء الهجمات، مع تأمين الدفاع. كأن كانيدا يريد أن يقول إن الأداء العشوائي لا يضمن النجاح دائما، لذلك لا بد من الاستحواذ، على ألا تكون هناك مبالغة في هذا الصدد؛ لأن الاستحواذ ليس مجرد هدف بقدر ما هو وسيلة للسيطرة والتحكم، بحثا عن نقاط ضعف للنفاذ إلى مرمى الفريق المنافس. في كأس العالم الأخيرة، خسرت بعض المنتخبات على الرغم من أنها كانت الأكثر استحواذا؛ لذلك لا بد من التوازن في الأداء، وتوظيف اللاعبين على نحو يكفل الدفاع بقوة، والغزو بمهارة، واستغلال كل أنواع اللعب المرتد من مهارة جماعية وهجمات تقليدية. يبحث كانيدا - كما تشير كلماته - عن التنظيم وليس فوضى الأداء، عن الهجمة المركزة التي لا تعتمد على المهارة الفردية وحدها، ولا على المصادفة كما يحدث في بعض الأحيان. والواقع أن الأسلوب العشوائي ليس مشكلة النصر وحده؛ بل تعاني الكرة العربية عموما هذا الخلل الفني. صحيح أن بعض المدربين يلجأون إلى الدفاع دائما، مع معدل استحواذ أقل، لكنهم في حقيقة الأمر يملكون فريقا ممتازا في الهجمات المرتدة، مع لياقة بدنية عالية كما كان أتليتكو مدريد في الموسم الماضي، وفي نهاية الأمر يعتمد الأسلوب بالإضافة إلى طريقة اللعب على الإمكانات العناصرية. ويبدو واضحا أن الفرق التي تملك عناصر تفوق في كل الخطوط الأكثر ميلا ورغبة في الاستحواذ، تماما كما كان يفعل غوارديولا مع برشلونة. من المفترض أن ندع المدرب وشأنه، لأنه أكثر وعيا وفهما، على أن يكون الحساب والتقييم نهاية الموسم. وتظل النتائج هي المقياس.