أطلق أنشيلوتي، مدرب فريق ريال مدريد الإسباني لكرة القدم، تصريحا مثيرا قبل مباراة فريقه أمام المنافس التقليدي أتليتكو مدريد عندما قال: ”إن كرة القدم ليست لعبة للفتيات”؛ لكن اللافت للنظر في هذا التصريح أنه جاء إجابة عن سؤال يتعلق بالأداء العنيف لأتليتكو مدريد، وجاءت إجابة أنشيلوتي قمة في الروح الرياضية، حيث رفض اتهام منافسه بالعنف، مؤكدا أن كل فريق يتعامل وفقا لمميزات لاعبيه، وعلى الرغم من أن أتليتكو مدريد يختلف عن فريقه ريال مدريد، إلا أن أتليتكو في نظره يلعب بقوة وندية، وهي طبيعة كرة القدم، لعبة الرجال. وفي الواقع، شدني أنشيلوتي بروحه الرياضية وتفاديه نزعة استفزاز أو التقليل من شأن المنافس، وقد عرضت قبل أيام نموذجا آخر عن الروح الرياضية التي تدل على الثقة في النفس، عندما دافع مدرب فرنسا تشامب عن مدرب إسبانيا دل بوسكي قائلا: ”إن مدرب إسبانيا ليس ساحرا، وأبدى مدرب فرنسا الذي انتصر في المباراة الودية روحا رياضية عالية عندما دافع عن خصمه، ولم يحاول أن يمدح أو يشيد بنفسه كما يفعل من لا يثقون في إمكاناتهم”. الحديث عن القوة والأداء الرجولي ذكرني بالتصريح الشهير للمدرب يورجن كلوب الذي أكد فيه أنه لا يحب الفوز عن طريق الاستحواذ على نسبة 80 في المائة، بل يحب المعارك والصخب والمباراة التي تعتمد على السرعة والقوة وتبادل الهجمات. العجيب أن كلوب معجب بأداء الآرسنال؛ لأن فينغر يميل إلى الأسلوب الأنيق، يحب أن يستحوذ على الكرة وكأن الفريق يعزف سيمفونية ناعمة على حد تعبير كلوب. يؤكد كلوب أيضا أنه لو شاهد برشلونة في صغره ربما لاتجه إلى كرة التنس. إنه اعتراف بكرة جميلة أخاذة جذابة؛ لكن شخصية كلوب لا تميل لكرة الاستحواذ والمهارات والجمال. شاهدت قبل يومين مباراة بوتافوقو وساو باولو ضمن مباريات الدوري البرازيلي. وهي أول مباراة برازيلية أحرص على مشاهدتها كاملة من فترة طويلة. فوجئت بالحضور الطيب الذي لم يتأثر بسقوط المنتخب البرازيلي في كأس العالم؛ لكن الكرة البرازيلية لم تتغير.. الأسلوب نفسه في التمريرات القصيرة المكثفة واستعراض المهارات الفردية والبطء الشديد.. بيد أن الخشونة باتت طاغية، ولا أبالغ إن قلت إن الكرة في البرازيل وربما في كل أميركا الجنوبية أكثر خشونة. ثمة استحواذ يفتقر في كثير من الأحيان إلى الفاعلية، مع البطء الشديد؛ مما يبعث على الملل. لا شك أن كرة أوروبا التي تجمع بين السرعة والقوة، مع المهارات العالية أضحت أجمل وأكثر إثارة. الكرة البرازيلية الناعمة - كما يقول كلوب - لم تعد عملية، وزاد من ملل مشاهدتها كثرة الخشونة. الآرسنال وبرشلونة يختلفان كثيرا؛ لأن الفريقين قدما الكرة الناعمة بنكهة أوروبية تهتم بالسرعة مع القوة، مع منح عامل الاستحواذ أهمية قصوى. أعود إلى المدرب الكبير أنشيلوتي، وأؤكد أنه أراد أن يقول إن اللعبة تعتمد على القوة والرجولة والصلابة، وشتان ما بين القوة والأداء العنيف والخشونة.