وقع، أول أمس، المؤرخ صالح لغرور كتابه الجديد الصادر عن دار الشهاب للنشر والتوزيع، المؤلف الصادر في 269 صفحة والذي يحمل عنوان ”عباس لغرور من النضال إلى قلب المعركة”، يعتبر مرافعة حقيقية عن الشهيد عباس لغرور أحد أهم أوجه الحركة الوطنية، حيث صرح الكاتب أنه حاول البحث في أسباب وتداعيات إعدام شقيقه من قبل لجنة التنسيق والتنفيذ لثورة التحرير سنة 1957، ومدى رجاحة الحكم كما أكد في ذات السياق أن شقيقه لم يكن طامعا يوما في تولي السلطة ولم يسعى إليها، بل على العكس تماما كان يصرح دائما أن ”ولاءه وانتماءه هو للجزائر قبل كل شيء”. كما أكد في ذات السياق أن الثورة تميزت منذ انطلاقها بتشكل تكتلات عديدة غير أنه نفى أن يكون شقيقه عباس قد انتمى لما يسمى ”جماعة خنشلة” أو جماعة ”باتنة”، بل ذهب لأبعد من ذلك ليشكك في وجود تلك الجماعات نظرا لكونها لم ترد في أي من مؤلفات المؤرخين الذين عاشوا تلك الحقبة. وباستثناء الباحث محمد زروال الذي تحدث في كتابه “النمامشة في الثورة” عن الموضوع تحدى لغرور أن يتم العثور على كاتب آخر يدعي ما ادعاه محمد زروال، ووجه صالح لغرور نقدا لاذعا للمؤرخين الذين فاضت بهم الساحة مؤخرا، والذين يحاولون بشتى الطرق تقديم معلومات مغلوطة، وإعلاء سقف الإثارة، ولو على حساب سمعة رجالات التاريخ العظماء الذين خدموا الثورة والحركة الوطنية، وكان لهم الفضل في خلق جزائر اليوم الحرة المستقلة. وأكد لغرور في مجمل حديثه عن قضية ”الجرف” أن المأزق الذي وقع فيه جيش التحرير الوطني يعود بالدرجة الأولى إلى الخطأ الذي ارتكبه ” شيحاني” برفضه الإمتثال لأوامر عباس لغرور ومجموعة من القادة، و هو الأمر الذي سمح للجيش الفرنسي بمحاصرة المنطقة وذلك بتعنته ورفضه العمل بالتوصيات التي طالبته بالانسحاب، والتي كلفته خسارة بعض الرفاق، ووثائق سرية مهمة. وبين الكاتب لغرور الغاية من طرحه للعديد من التساؤلات في الفصل الخامس، والذي خصصه لمعالجة قضية ”الصومام” ومواقف عميروش الذي وصفه ”بالمنحاز” الذي عجز عن حمل رسالة السلام والوفاق الوطني، وهو الأمر الذي كلف الثورة العديد من الانشقاقات والانزلاقات التي أدت إلى خسارة العديد من خيرة رجال الثورة. كما خلقت حساسيات بين ولايات الثورة مازالت الجزائر تعاني من تبعاتها إلى حد اليوم، مؤكدا في ذات السياق أن عميروش كان قد دفع بالمجاهد ”لعجول” إلى الفرار من صفوف الثورة وحاول بشتى السبل تقزيم دور المجاهد عباس لغرور، حيث استغل توجه هذا الأخير إلى تونس في محاولة لتقريب وجهات النظر بين قادة الثورة، والتركيز على محاولة إعادة بعث المبادئ التي اتسمت بها الحركة الوطنية، والتي أدت إلى إعلان قيام الثورة ليصور الأمر على أنه تمرد، وخروج عن القيادة داخل الوطن ليتم الحكم عليه بالإعدام. هذا، وأقر صالح لغرور في نهاية تصريحه أنه من الضروري الانتصار للأسماء التي خدمت القضية الجزائرية ورفع الظلم عنها، على الرغم من أنه يرى أن الأوان قد آن لتجاوز خلافات الثورة والتفكير في بناء مستقبل الجزائر.