تحدث الروائي الشاب سمير التومي عن الأجواء التي حملتها الرواية روايته الأولى المعنونة “الجزائر صرخة”، التي جعل موضوعها السعي الذاتي لبحث عن الأصول والهوية، بالحديث عن السحر الذي تحمله العاصمة كفضاء متناقض، ومتجزئ منشطر بين القليل من المرارة والكثير من العاطفة التي تنتاب الشعب الجزائري خلال اجتيازه للأزمات. وعن تطرقه لسقوط نظام زين العابدين قال الروائي أنه ربما تأثر بفترة الثورة التونسية التي كتب الرواية خلالها ما خلق لديه حاجة ملحة للتعبير عن بعض الأمور التي طالما أراد الحديث عنها، لكونه عاش بتونس فترة مهمة في حياته، وعن اختياره لموضوع الهوية، قال تومي أنه طالما شعر بأن لديه مشكلة مع كلمة “الهوية” إذ يعتبرها حجر الأساس في بناء الثقة بين أفراد المجتمع فانعدام الاعتراف بالمقومات التاريخية المتنوعة التي تخلق أصالة وتفرد الإنسان الجزائري هو ما أدخله في متاهات ونزاعات عبر التاريخ، “لدينا صعوبة في قول الأشياء على حقيقتها كما هي، كما يجب أن تقال لهذا سنبقى نعاني من تقبلنا لأنفسنا وللآخرين”، وعن التجريب في روايته قال الروائي أنه لم يردها أن تكون رواية بسرد كلاسيكي وإنما حاول أن يخلق جوا مميزا من الفوضى الخلاقة تتابع فيه التأملات والأفكار وهي الأجواء التي تعبر تماما عن المدن التي سردها. كما أبدى تومي دهشته من تطور شخصيات روايته خلال كتابة نصه الأول، حيث لم يخطر بباله أن تتخذ الأحداث ذلك المنحى، وعن اختياره ل”الجزائر صرخة” كعنوان لروايته قال تومي أنه عبر عن العاصمة بما يناسب واقعها كمدينة ذكورية محضة ينمو العنف والرفض في زواياها، و تعيش عليه كروتين يومي صارخ تجاه الواقع، بينما يرى تونس على العكس تماما هي مدينة مسالمة تتقاسم يومياتها مع السواح والعابرين. وبخصوص عمله الروائي الأول، فقد أوضح بأنه بنى نصه السردي على أساس سيرته الذاتية ويروي من خلاله تفاصيل وأسرار المدينة التي احتضنته وترعرع فيها وما آلت إليه بعد ردح من الزمن، لذلك جاء نصه كنداء استغاثة وتعبيرا عن انزعاج للحال التي وصلت إليها مدينته، لكنه رغم ذلك يحتفظ بمشاعر الود والحب التي تربطه بهذا المحيط الذي احتواه ولا يمكن أن ينفصل عنه بما يمثله له كمرجعية اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية. وعن انتقاله من إدارة الأعمال إلى الكتابة قال الروائي أنه يحمل مشروع الكتابة كحلم منذ الطفولة وهو الأمر الذي بقي معلقا لسنوات رغم المحاولات الكثيرة التي لم تتطور يوما لأن تكون عملا روائيا كاملا إلى غاية ظهور فكرة “الجزائر صرخة” بذهنه كفكرة نمت وتطورت إلى عمل أدبي مكتمل الشروط.