أفاد المختص عيادي السعيد حول ظاهرة المخدرات الرقمية التي وصفها بالتجربة الجديدة في المجتمعات، وبالأخص في المجتمع الجزائري، بأن هناك مجموعة من علماء الاجتماع تطرقوا إلى هذا الموضوع من زاويتين اثنتين، الأولى افتراضهم أن الثقافة الفرعية التي توفرها وسائط التواصل الاجتماعي مؤثرة للغاية لعدم وجود بدائل في الجزائر، فيما ترجع الفرضية الثانية إلى أن الظاهرة موجودة وتعاني صراع أجيال، وهو ما يتعلق بوجود قطيعة تواصل ثقافية بين جيل الكبار وجيل الشباب. وفي السياق، أشار عيادي إلى أن وقوع الكثير من شبابنا وفتياتنا في هذه المطبة يرجع أساسا إلى عدم تكوين هؤلاء للتمكن من استعمال هذه الوسائط من دون أن يكونوا مدمنين وفي حالة من التبعية، لأننا لا يمكن أن نقطعهم عن ثقافة عصرهم، وهو ما يمثل إشكالية المخدرات الرقمية. وأضاف ذات المختص ”إذا رجعنا إلى مواقع الأنترنت نجد أن هناك جمعيات أو هيئات عالمية تنشط في مجال السلوكات الانطباعية لتغيير مواقف الشباب بآليات مختلفة عن طريق توفير الإثارة ومتعة التتبع وربط نبرتهم دائما نحو التغيير المستمر للقيم والأخلاق، حيث نجد من هذه الهيئات ما يسمى ب”اليد المستبطنة”، والتي تريد خلق نمطا عالميا في الثقافة الشبانية من دون أي اعتبار لثقافات المجتمعات الإنسانية، كما نجد مواقع أخرى يديرها أخصائيون في التحليل النفسي على منوال جماعة لوفينوس، أين تكمن المشكلة هنا أن شبابنا يتعاطى التواصل مع الكثير من المواقع وسرعان مايبدي توافقا غير مقيد مع مايشاهده أو يسمعه، والذي يؤدي إلى صناعة نموذج شخصية جديدة في حياة هذا الشاب، فيبدي من البداية انقطاعا عن ثقافة مجتمعه وانفتاحا على هذه الثقافة الافتراضية، وهو مايسمى بحالة الاغتراب النفسي. وواصل ذات المتحدث قائلا ”أنه فيما يتعلق بالمؤثرات الخاصة السمعية البصرية التي يوضع فيها الشباب فانه يشير إلى وجود تقنية منهجية للاستفراد بهؤلاء حالة بحالة، وذلك حتى تتم عملية التشريب بكل نجاح، لأن المشاهد يضع تحت تصرف هؤلاء من كل النواحي، وهو ما يعني تمكنهم من حجزه فكريا، اجتماعيا ونفسيا، حيث تتميز بعض الجماعات الناشطة في هذا المجال بهذا الأسلوب، لكونها تقوم بتبليغ عقائد غامضة وخلق مزيد من المعتنقين، أين نجد هذه الطريقة بكثرة عند من يديرون مواقع تابعة لعبدة الشياطين أو عقيدة الكابالا”. وفي السياق، أضاف محدثنا ”أن معرفة هاته الجماعات التقريبية بأن الشباب الذين يتابعون نشاطاتهم هم في الواقع يبحثون عن حالة من الاستئناس، ولهذا هم مستعدون على تمضية أوقات طويلة في متابعة مثل هاته النشاطات، الأمر الذي يسهل معها مزاولة تأثير نفسي وعقلي مباشر على هؤلاء، وعليه فان التكلم عن المشاكل المرافقة لهاته الظاهرة في الجزائر يرجع إلى ضعف الثقافة الالكترونية على المستوى الأسري، وحداثة التجربة دون وجود خبراء مختصين في متابعتها، عدم وجود هذا الانشغال لدى الهيئات المختصة في وضع برامج شبانية ومرافقة نشاطاتهم. وفي الإطار، دعا عيادي السعيد إلى العمل على توفير حالة من الوعي لدى شبابنا عن طريق ما هو ممكن ومتاح من وسائل سمعية، بصرية عمومية كانت أو خاصة، وتشكيل نخبة من الخبراء في مجال الثقافة الالكترونية يختصون أساسا في وضع مقومات حصانة تبعد شبابنا عن التأثر بنشاطات هذه المواقع وكذا استغلال وسائط التفاعل الاجتماعي كالمساجد، الساحات الرياضية، والمنتديات الثقافية والعمل على استغلالها كواجهة تقدم بدائل وتوجيهات في مجال اكتساب ثقافة الكترونية سليمة.