فاقمت موجة البرد القارص التي تضرب الجزائر هذه الأيام معاناة الأشخاص دون مأوى ومنهم المتشردين، فمع برودة الطقس وصعوبات المبيت في الشارع. وإن كان المواطنون الساكنون في منازلهم بصورة قارة يعانون من أعراض الرشح والزكام وبرودة العظام، فهناك فئة من الناس يجب الحديث عنها والوقوف عندها، وهي هؤلاء المشردين الذين يفترشون الأرض والأرصفة استعدادا لقضاء ليلا باردا. جاء في بيان للرابطة الجزائرية لحقوق الانسان، أن عشرات المشردين يعانون من أمراض عقلية في شوارع مدينة الشلف، صاروا فرائس سهلة أمام متغيرات هذا المناخ نحو الأسوأ، والذي حول حياة المشردين والمعدمين معا إلى جحيم، بعد تأخر الجهات المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن مد يد العون إليها، وتركها عرضة لتأثيرات البرد القارص، وهو ما أدى بالمتشردين الذين يتكونون من جميع الفئات العمرية (رجال، نساء، أطفال صغار) إلى المبيت في العراء أمام بعض المؤسسات العمومية من المساجد، الساحات العامة ومحطة القطار، حيث ظل المشردون في الشوارع دون وقاية من مخاطر الصقيع على حياتهم ولم تأخذ أي جهة بزمام المبادرة لحمايتهم من خطر الموت، حيث يقضون فترات الليل في حرق ”الكارطون” التي يجمعونها في النهار للتدفئة. كل تلك المخاطر يعمل الجميع من أجل تفاديها باستثناء المشردين الذين لا حول لهم ولا قوة، على الرغم من أن الدولة ملزمة بتوفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة. ويرى المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان لولاية الشلف أنه من أهم العوامل والأسباب التي جعلت المتشردين يتخذون شوارع مأوى لهم فقدان العلاقات العائلية الاجتماعية والبطالة وأزمة السكن والفقر، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسانية. وفي هذا المجال قام فريق من المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لولاية الشلف، بقيادة هواري قدور، رئيس المكتب الولائي الشلف، بجولة ميدانية بعد العاشرة ليلا، لتسليط الضوء على معاناة هؤلاء الأشخاص المشردين في الشوارع، فيما يعيش مسؤولون في أبراج خرسانية تحيطها سياجات متينة ولا يرون ما يجري من حولهم، كون القلة المتخمة بالمال العام والثراء السريع يعيشون في بحبوحة تحت مكيفات مركزية وليسوا بحاجة لارتداء ملابس شتوية تقيهم برد الشتاء القارص. ومن بين الملاحظات التي وقف عليها المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان لولاية الشلف، لدى الأشخاص المشردين، معاناتهم من قلة النوم وشعورهم بالخوف والقلق، كما أن أجسامهم نحيلة من سوء التغذية، بالإضافة الى انعدام النظافة وثيابهم البالية التي تكاد تستر عوراتهم، وكذا عدم استفادتهم من أي رعاية الصحية. إن المكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لولاية الشلف، يضع بعض الاقتراحات والتوصيات من أجل تكفل بهذه الشريحة منها تشكيل لجنة ولائية لمختلف المديريات وبتنسيق مع المجتمع المدني لمتابعة ميدانية، وذلك بتوفير جميع الإمكانيات البشرية والمادية الضرورية وإعداد برنامج شامل للتكفل بالأشخاص دون مأوى، لاسيما خلال فصل الشتاء، وكذا تقديم الدعم النفسي والطبي والاجتماعي وتوفير مراكز لإيواء الأشخاص دون مأوى. وتقديم الوجبات الساخنة والبطانيات وملابس فصل الشتاء لهم.