في ذروة “الربيع العربي” أعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير أنه لن يخوض “معركة” الرئاسة التالية. الآن كان أول، (والأرجح آخر)، من أعلن ترشيحه لانتخابات أفريل المقبل. لا هو تذكر الوعد بالعزوف، ولا الذاكرة العربية مؤهلة لتذكر شيء عمره 3 سنوات، ولا المؤهل منها قابل للاعتبار والاحترام. التذكر مثل النسيان، والوعود.. سلامتك. لم يتوقف كثيرون عند وعد البشير، مع أن السودان هو بلد وعد سوار الذهب. وذلك لأن الرؤساء العرب يلبون دائما نداء الجماهير ودعوات الإنقاذ، خصوصا عندما يحين موعد “الانتخابات” العربية، حين يكون المرشح هو الناخب الأول والأخير. ومن أجل الجولة الجديدة من الرئاسة، أنهت الخرطوم بناء قصر جمهوري جديد اتسم بالتواضع، لأنه مؤلف من مائة غرفة مقابل 132 غرفة في البيت الأبيض. وقد قام الصينيون ببناء القصر الجميل، مما يعني أن على سكانه التحوط من النش، وتحضير حنفيات بديلة. أما لماذا أوكل القصر إلى الصين وليس إلى إيران، فلا نعرف. المباني الحكومية الكبرى جزء من سمعة الدول. فمبروك للسودان. ومبروك لها رفع اسم الرئيس الدائم عن لائحة محكمة الجنائيات الدولية. فهذا أمر لم يحققه أحد سواه من قبل. ولكن المشكلة هي في سمعة الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أسوأ أيامه بعدما خرج الجنوبيون ومعهم آبار النفط، وطفقوا يتقاتلون فيما بينهم بعيدا عن الشمال. يتكبد العرب شيئا يدعى في بلاد الغير الانتخابات. مصاريف ترف في بلاد فقيرة. ولزوم ما لا يلزم. والنتائج دائما واحدة. ورقم الحظ هو تسعة إلى جانبه تسعة. وأحيانا بينهما فاصلة لدرء العين الحاسدة. وتتميز الرئاسة في السودان بأنها أفريقية وعربية معا. الأولى مدى الحياة، والثانية إلى الأبد. وكذلك المعارضة، فهي أفريقية وعربية أيضا. الأولى على التلفزيون، والثانية في الإقامة الجبرية، ويقال إنه كلما كان البشير يرسل ضابطا لإبلاغ الصادق المهدي أو حسن الترابي بانتهاء مدة السجن، كان أحدهما يسأله: هل حدد تاريخ العودة أم بعد؟ غالبا كان الجواب، نعم. فكما يجب أن يطمئن الرئيس إلى بقائه في القصر إلى الأبد، يجب أن يشعر بأن باب السجن مفتوح إلى الأبد. لا أقل ولا أكثر. لا هنا ولا هناك. وأما الأرقام المؤلمة فلا معنى لها، مثل أي مكان: أرقام هجرة الكفاءات، وأرقام التضخم، وما تقوله “اليونيسيف” عن مجاعة مئات آلاف الأطفال. أرسلوا إليهم أنجلينا جولي.