وجه بنك الجزائر نداء إلى البنوك لكي تساهم أكثر في تمويل الاقتصاد الذي ظل إلى حد الآن تحت رحمة الخزينة العمومية والتي تراجعت قدراتها إثر انخفاض أسعار النفط. كشف محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي خلال الندوة الصحفية التي نشطها بالعاصمة، أمس الأول، عن الخطوط العريضة للمخطط المالي الجديد للنمو الاقتصادي حيث أوضح في هذا السياق أن هذا التوجه الجديد أضحى ضرورة لاستدراك نقص التمويل بسبب تراجع أسعار النفط، والذي يعتمد على تمويلات بنكية أكثر حضورا ونجاعة وذلك في سياق تقلص الموارد المالية للدولة الناجم عن تدني أسعار النفط. وأوضح لكصاسي في عرض حول ”استقرار الاقتصاد الكلي بالجزائر والتمويل البنكي للنمو”، قدمه أمام رؤساء البنوك والمؤسسات المالية، أن المخطط الجديد عبارة عن ”خارطة طريق” تمليها ضرورة الوصول إلى تحقيق نمو ب7 بالمئة في آفاق 2019 حسب الهدف المنشود من الحكومة. ويأخذ المخطط، الذي سيتم إثراؤه تدريجيا بمشاركة البنوك، بعين الاعتبار انعكاسات الصدمة الخارجية التي تتحملها الجزائر على إثر الانخفاض الحاد والمستمر لأسعار النفط من خلال الاستفادة من التراكمات المالية التي سجلت إلى اليوم، حسب المحافظ. واعتبر أن البنوك مدعوة الآن إلى رفع نسب منح القروض لصالح القطاع المنتج سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى قروض أكثر نجاعة. وأكد محافظ بنك الجزائر على سيطرة التمويل الذاتي في الاستثمار في الجزائر بالرغم من وجود وفرة مالية غير مستعملة بالبنوك والتي يجب أن تستعمل لهذا الغرض. وأشارت الأرقام التي قدمها لكصاسي إلى النسبة المرتفعة للتمويل الذاتي للاستثمارات في قطاعات المحروقات وخارج المحروقات. وذكر بأن 87 بالمائة من الاستثمارات في الجزائر خلال السنوات التسع الأخيرة مولت ذاتيا وتمثل أساسا استثمارات الدولة ومجمع سوناطراك. من جهتها، حظيت الاستثمارات خارج المحروقات بالتمويل الذاتي بنسبة 59.7 بالمائة خلال نفس الفترة في حين ارتفع احتياط المؤسسات الخاصة والأسر الذي من شأنه تمويل هذه المشاريع، دون أن يستفيد من ذلك القطاع الاقتصادي حسب نفس المتحدث. وأضاف أن سنتي 2010 و2011 سجلتا نموا قويا من حيث التمويل الذاتي بوتيرة قدرت على التوالي ب 71.4 بالمائة و24.1 بالمائة مما ساهم في استئناف معتبر للاستثمار في مجال المحروقات. وأمام حاجيات تمويل الاقتصاد الهامة فإنه من الضروري حسب المحافظ تعبئة الإحتياطات العمومية وحتى الأموال خارج الدوائر البنكية قصد الإستجابة لها. وفي إطار السياق الجديد المتميز بصدمة خارجية مرشحة للدوام، يتعين على البنوك تطوير منتجات مالية مستقطبة وتحسين خدماتها المصرفية الأساسية الموجهة للأسر. وينبغي أن تكون سياسة توسيع القروض مرفوقة باحترام صارم للإجراءات الاحترازية قصد استباق الأخطار على عمليات التمويل البنكية مما يسمح به الإجراء الاحترازي الجديد. وفي نفس السياق أعلن بنك الجزائر أنه سيعمل ابتداء من جويلية المقبل على إخضاع البنوك إلى ”امتحان القلق” قصد تقييم قدرة تحمل الصدمات في حالة أزمة. ورغم تراجع الموارد المالية استبعد بنك الجزائر رفع إجراء منع المؤسسات الجزائرية من الاقتراض من الخارج، وهو إجراء دخل حيز التنفيذ. وقد تم اتخاذ إجراء منع الاقتراض الخارجي بالنسبة للمؤسسات في سياق البحبوحة المالية ولكن حرصا على تفادي التدين الخارجي للجزائر. وأشار بنك الجزائر إلى أن المستوى المنخفض تاريخيا للمديونية الخارجية (3.7 مليار دولار في أواخر 2014) من شأنه أن يساهم في التخفيف من حدة الصدمة الخارجية في 2015.