”يوم لفتيل، يامات الحلوى، عرس السطح، الدراباكية..”، لم يعد لها مكان في قاموس الكثيرين أياما قبل حفل الزفاف الذي تعد قائمة طلباته وتحضر من طرف أخصائيين في الوقت الراهن، لترجع سياسة التقشف بالعائلات العاصمية إلى أسطح المنازل لإقامة العرس، بعد الغلاء الفاحش لقاعات الحفلات. إقامة عرس فوق السطح بالمدن الكبرى حاليا يعطي سمة عائلة بسيطة ماديا، في حين أنها الطريقة المعتمدة في جميع أعراس المناطق الداخلية، لعدم توفرها على قاعات حفلات، لتلتهب الأسعار بهذه الأخيرة وتصبح جزءا من ميزانية معتبرة. وقد اختار عمي سيد علي، القاطن بأحد دويرات القصبة، أن يقيم عرس ابنه على السطح، وفي حديثه مع ”الفجر” قال أن ”كل ما سيتم تقديمه للضيوف من مأكولات وحلويات تم إعداده في البيت رفقة الجارات والأهل، وهذه العملية تخلى عنها الكثيرون في العشرية الأخيرة، لكن لن أضطر للاقتراض حتى أزوج أبنائي، سأقيم جميع أفراحهم حسب ما يتوفر من إمكانيات”. لتصف زوجة عمي سيد علي، عملية إعداد السطح التي تكون بتنظيفه أياما قبل موعد العرس مع إصلاح ما يستلزم ذلك، وتزيينه بالمصابيح الملونة، ويوما قبل العرس تبدأ النسوة ببسط الزرابي وترتيب كراسي يتم استعارتها من المدارس التربوية، ويتم الاعتماد على فتيات يحسنّ إكرام الضيوف وتقديم المأكولات. أما العائلات التي تتوفر على فيلات فهي لا تفكر في عناء التنقل إلى قاعات الحفلات، ومنها التي تفتح باب فنائها للجيران في مثل هذه المناسبات. أما سي مصطفى القاطن بحي ”عدل” بنواحي الدرارية، فقد أقام عرس ابنه بالتعاون مع جيرانه الثلاثة في نفس الطابق، حيث تم استقبال النسوة في صالون بيت وإطعامهن في غرفه، والرجال في بيت آخر وإطعامهم كان في بهو الطابق. أما طهي الأكل فكان في شقة أخرى. ليرجع الدعم الفعلي والتكافل بين الجيران وسط التهاب أسعار قاعات الحفلات التي رفع كثير منها سعر الكراء التي يتراوح أدنى سعر فيها 120 ألف دينار، ناهيك عن باقي النفقات التي أخرت زواج الشبان. رغم التنافس القائم بين الكثيرين من ناحية التباهي والتفاخر بأفخر قاعة، تم تنظيم عرسهم فيها، مع التنافس في أبهى طلة تصديرة وزيادة عدد الألبسة فيها، إلا أن مجتمعنا اليوم مضطر للعودة إلى عاداته الأصيلة حتى يضمن تأسيس أسرة سليمة ومتماسكة.