في أغسطس (آب) 2013 كانت القاهرة وكل مصر في حالة تأهب أو ترقب.. الإخوان في ميدان رابعة في مدينة نصر وميدان النهضة في الجيزة، وبقية مصر في حالة غضب عارم تجاههم وتجاه العنف الذي يمارسونه. كان المستشار عدلي منصور هو الرئيس المؤقت، وكانت هناك حكومة انتقالية تصارع من أجل إعادة الاستقرار وسط أحداث العنف ومواقف خارجية غربية أخذت موقفًا بأن ما حدث في مصر هو انقلاب. وسط هذه الأجواء الساخنة كان ما يقال عنه حالة استقطاب في الشارع المصري هو عبارة عن أغلبية ملحوظة اتخذت موقفًا حادًا تجاه الإخوان وكانت تريد فض هذه الاعتصامات بأي تكلفة، وتشعر بالغضب من مواقف سياسيين يريدون المرونة، ولا تهتم بأي مواقف خارجية، وفي المقابل هناك الإخوان وهم أقلية مستميتة وترى أن ثاني فرصة لها لحكم مصر ضاعت على اعتبار أن الفرصة الأولى كانت في عام 1954 في زمن عبد الناصر. كانت القاهرة تموج بالوفود القادمة من الخارج من دول غربية في مساع لإيجاد حل سياسي بين شرعية 30 يونيو (حزيران) والإخوان الذين أطيح بهم على اعتبار أنه يمكن إشراكهم في العملية السياسية إذا قبلوا خريطة الطريق باعتبارهم مكونًا سياسيًا مصريًا، وكانت تصريحات المسؤولين المصريين وقتها لا تمانع شريطة أن ينبذ الإخوان العنف. الشارع المصري كان يراقب ولم يكن مقتنعًا، فضلاً عن أنه كان غير راضٍ عن مشهد الوفود الخارجية التي يستقبلها قصر الاتحادية من تحت مسمى الوساطة، ولم تكن شخصيات هذه الوفود بالبدل الأنيقة تشعر بما يموج في الخارج في المقاهي والمنازل، فقد كان المصريون يشعرون بالتشاؤم من وجود هذه الشخصيات في بلدهم، وكانت هناك رغبة شعبية في رؤيتهم يرحلون فهذه أزمة سياسية داخلية مصرية، والشارع كان يريد الحسم من حكومته ويريدها أن تكون قوية في مواجهة ضغوط الخارج، ولم يحدث من قبل أن قبلت مصر بوساطات خارجية في مشكلة داخلية، والطرف المصري الذي يقبل بذلك يكون كالمنتحر سياسيًا. هذا الكلام يأتي بمناسبة تجدد الحديث عن وساطات على لسان وزير خارجية قطر عن استعداده للقيام بوساطة بين مصر والإخوان معتبرا إياهم مكونًا سياسيًا مصريًا، وإذا أخذنا بحسن النية فإننا لا نستطيع ألا نطرح أسئلة حول توقيت هذه التصريحات بعد احتفالات مصر بمشروع قناة السويس الجديدة، والتي سعى الإخوان بشراسة للتهوين منها بدعايات صبيانية تقول إنها ترعة أو طشت. لا توجد أي فرصة لوساطة أو حوار تحت رعاية خارجية، ولا تستطيع أي حكومة مصرية أن تقبل بذلك وإلا عرضت نفسها لغضب عارم من الشارع المصري، كما أنه ليس منطقيًا العودة لطرح هذا الكلام بعد أن بدأت مصر تثبت أنها في مسار صحيح نحو الاستقرار والسعي للتنمية، بينما الأطراف الأخرى التي يراد التوسط لها اختارت العنف وإيجاد التغطية الآيديولوجية للإرهاب الذي تتعرض له مصر. إذا كانت هناك نيات حسنة ورغبة في الإسهام في ترسيخ الاستقرار الإقليمي فإن الأطراف الراعية للإخوان يمكن أن تقدم لهم النصيحة بأنهم خسروا نهائيًا وعودة الباشوات أسهل من عودتهم، لذلك فإن عليهم التغير آيديولوجيًا وسياسيًا أولاً، حتى يكون لهم مكان. أما حديث الوساطات فقد انتهى وثبت في 2013 أنه فاشل ولا مكان له، وأي طرف خارجي عليه أن يضع في اعتباره أنه يتحدث عن دولة إقليمية كبرى يقترب سكانها من المائة مليون.