بدأت شواطئنا تأخذ منعرجا آخر في طريقة استقطاب مصطافيها، فبعد أن ألفنا الاستجمام في البحر رجالا ونساء في ذات الوقت، ها هي شواطئ ترفع شعار ”للنساء فقط”، ورغم أنها في مرحلة النشوء إلا أنها تلقى إقبالا كبيرا من الجنس اللطيف كشاطئ ”مارينا بالم” ببلدية برج البحري شرق الجزائر العاصمة. الهرب من التحرش والإزعاج من طرف المنحرفين بالشواطئ ليس وحده الذي جعل النساء يرغبن في شاطئ يحتويهن، لكن وجودهن بمفردهن في حالة السباحة يمنحهن أريحية أكبر، فبعد شاطئ بنواحي عين بنيان في ”ميرامار” سابقا، ها هو شاطئ ”مارينا بالم” ببلدية برج البحري المعروفة ب”ألجي بلاج” خصصت انطلاقا من السنة الجارية شاطئا كتب عند مدخل بوابته ”للنساء فقط”، وهو ”مارينا بالم” الذي يلقى يوميا إقبال نساء وفتيات من مختلف الأعمار للاستجمام. في ذات السياق فإن هشاشة الإجراءات الأمنية جعلت العائلات تتنفس الصعداء من فكرة فصل الجنسين في بعض الشواطئ حتى يجد الكل راحته، كالآنسة ”يسرى 24 سنة” التي اختارت مركب ”مارينا بالم” رفقة صديقة لها، التي صرحت ل”الفجر” أنها قضت لأول مرت جو الاستجمام على الشاطئ في شاطئ خاص بالنساء، الذي يتميز بكثير من الخصوصية والراحة النفسية، في حين أن السيدة ”نورة” قالت ”أنا لست متحجبة، لكنني أفضل هذا النوع من الشواطئ، كما أنني أحتار حين يحصر البعض الفصل بين الجنسين في منظور التشدد، كون بعضا من الأماكن العمومية تحتاج فعلا لهذه المبادرة، كذلك يتمتع الشاطئ بتقديم خدمات مستحسنة”. أكدت السيدة بواريو المديرة المسيرة للنادي وزوجة صاحب المشروع لقناة ألمانية، بأن شاطئ ”مارينا بالم” يعتبر الشاطئ الوحيد في الجزائر المخصص ”للنساء فقط”، ويوفر لهن كل الخدمات للاستمتاع بزرقة البحر وأشعة الشمس. مضيفة ”أن فكرة المشروع راودتنا خلال إقامتنا في الإمارات العربية المتحدة، التي توجد بها العديد من الشواطئ والنوادي الخاصة بالسيدات، والتي تحظى بشهرة عالمية مثل شاطئ ”الجميرا” بدبي، فعملنا على استنساخ التجربة في الجزائر. وبالرغم من العراقيل التي واجهتنا - ولا تزال قائمة - فإننا نسعى إلى تقديم خدمة سياحية متميزة لنساء الجزائر على مدار أيام الأسبوع، بعد أن كنا نخصص لهن أياما معدودة فقط منذ افتتاح النادي سنة 2010”. الأسعار تبقى باهظة رغم قرار الوزارة الوصية لم تجد تعليمة وزير السياحة والتهيئة العمرانية التي أقرها السنة الجارية من يطبقها، بعد شطب لافتات بعدد كبير من الشواطئ توضح المبلغ الذي حددته السلطات للاستفادة من خدمات الشواطئ من قبل المصطافين، كذلك أعوان الشواطئ الذي يلتفون كالنسور على رؤوس المواطنين فور وضع أمتعتهم، وإجبارهم على دفع مبلغ 1000 دج للظفر بخيمة أو طاولة وأربع كراسي، بالإضافة إلى سعر موقف السيارات الذي يفوق السعر المحدد من قبل البلديات والذي لا يتجاوز 50 دج، لكن المصطافين رغم احتجاجهم فإنه يبدو للعيان أن لغة الشارع تتحدى لغة القانون في مجتمعنا، ونتساءل عن دور الرقابة التي يؤكد الواقع أنها غائبة بشواطئنا، فوجود التعليمة كعدمها. استنساخ للظواهر الاجتماعية من دول الخليج رغم الآراء التي تؤيد فكرة فصل الجنسين في بعض الشواطئ، إلا أن البعض الآخر يعتقد أن المرأة لا تنزعج فعلا من الاختلاط فيها حسب ما يردده البعض، حيث يعتقد ”سليمان 50 سنة” قيادي بشركة سياحية عمومية، أن مثل هذه الأفكار التي تفصل بين الرجل والمرأة غريبة عن المجتمع الجزائري، فهي أفكار مستوردة من دول الخليج العربي، ولن تزيد مثل هذه الممارسات إلا في زيادة مظاهر التشدد الديني والعنف ضد المرأة”. ويضيف سليمان ”نحن بحاجة لمثل هذه المشاريع السياحية بهدف استقطاب السياح الأجانب، وتعريف العالم بثرواتنا، وليس في حاجة لنوادي مغلقة تستجيب لعقلية معينة في مجتمعنا”. في السياق، يؤكد رضا بورايو، صاحب نادي ”مارينا بالم” لقناة ألمانية موجهة للعرب، أن مشروعه استقطب جميع النساء على اختلاف ثقافتهن وانتماءاتهن وأن وجود شاطئ خاص بالنساء لا يعني أن المتوافدات عليه ينتمين لفئة دون أخرى. وأضاف رضا بورايو ”أن من بين الزبائن نساء ألمانيات وفرنسيات وإسبانيات، ونساء سفراء ودبلوماسيين وعاملين في أعلى مناصب الدولة، ولم تحدث أية مشاكل، فالنادي قبل كل شيء مكان جميل وجيد للاستجمام والسباحة في البحر ويضمن للمرأة المصطافة حريتها وخصوصياتها وأمنها”.