تميزت السهرة الثالثة من المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية في طبعته السابعة، بالحضور الأوربي ممثلا بالعازفتين الإيطاليتين على آلة البيانو والأوركيسترا الفرنسية ”لامورو”، التي تحضر لأول مرة إلى الجزائر، بالإضافة إلى الثلاثي البلجيكي، حيث تداولت الفرق الثلاث على منصّة محي الدين بشطارزي.. لتسافر بالجمهور إلى روائع الموسيقى الكلاسيكية. اجتاز الثنائي الإيطالي كل الحدود في الفقرة الأولى لسهرة المهرجان الثالثة، حيث اجتمعتا السيدتان بريبرتوارهما الغني الذي يعود لسنة 1996، بعد أن قطعت كل واحدة منهما دربها الفني كعازفة منفردة، وخاضت تجربتها في أجواق ومجموعات سيمفونية. خبرة الفنانتين وقف عليها جمهور المسرح الوطني الجزائري أول أمس، حيث ارتقت المبدعتان وصنعتا ألوانا موسيقية رائعة. وترجم الثنائي النسوي نوتاته إلى أصوات موسيقية منتظمة، تراوحت بين موزار ومقاطع عصرية، على غرار ”انطباع مسرحي” لبيزي بيسيا، و”نوافير روما” لروسبيغي، ولكاسيلا قدمت السيدتان ”صفحات حرب” و”موسيقى أفلام”، قبل أن تتوقفا عند كافارو لتذكرنا ب”تعيش كارمن” كإحدى الروائع التي يتمايل دائما على ألحانها عشاق الفن الراقي. وأكدت عازفة البيانو الإيطالية أماتو فرانسيسكا، عضو الثنائي العازف على آلة البيانو أماتو ليبوريني، التي تشارك في المهرجان لأول مرة بالجزائر، أنها جد سعيدة لمشاركة في فعاليات الطبعة السابعة من المهرجان، وثمنت تجربة تخصيص مهرجان دولي يعنى بالموسيقى السيمفونية في الجزائر، ومنح الفرصة لنخبة من أهم ممارسي هذا اللون الموسيقي العريق، من التلاقح وتبادل التجارب في الجزائر. من جهتها استعرضت العازفة الأخرى ليبوريني أويرييتا، تاريخ وفكرة الثنائي منذ 1996، حيث بعد دراستهما الموسيقى معا قررتا تأسيس الثنائي سنة 1996، والانطلاقة في عالم الموسيقى لكلاسيكية الإيطالية، حيث تحاولان الحفاظ على هذا الإرث الرائع الذي بدأ يندثر. وقد تولدت الفكرة بعد اللقاءات المتعددة على الركح في تجارب عزف ثنائي، حيث اكتشفتا التناغم والتفاهم والإحساس المشترك وتلك الشفرات التي تفكك بسرعة بين النوتات وعلى إيقاع حركة مرنة للأصابع الأربعة وذلك التواصل الذهني السهل والتجاوب بسرعة في حوارية أداتها الأنامل، ويقدم الثنائي عروضا موسيقية في إيطاليا والعديد من الدول الأوربية والمهرجانات الدولية ويقدم تجربة ثرية ومؤثثة بالصرامة والانضباط. وسافرت الأوركيسترا الفرنسية ”لامورو” بجمهور بشطارزي دون تأشيرة، واجتازت حدودها الشرقية لزيارة مسقط رأس داهية القرن الثامن عشر وولفغانغ أمادوس موزارت، ومشاركة أحاسيسه التي لم يتمكن من محاراتها أحد. ويتحدث المايسترو الفرنسي، قائد أوركيسترا ”لامورو” الفرنسية، فانسن مونتوي، عن السهرة التي قدمتها فرقته في السهرة الثالثة من الطبعة السابعة للمهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، أنها ”محاولة للعودة إلى القرن الثامن عشر بروائع الألماني، وولفغانغ أمادوس موزارت، الغني عن كل تعريف مشيرا أن المهرجان الذي يحضره لأول مرة، فرصة لاكتشاف هذا الجمهور الجزائري، الذي يمكن أن تكتشف من الوهلة الأولى أنه جمهور محب للموسيقى الكلاسيكية وذواق لها. ويضيف أن ”هذه القاعة الممتلئة عن آخرها ما هي إلا دليل على العمل الكبير الذي يقام من المحافظة، ونجاحه”. تعتبر أوركيسترا ”لامورو” الفرنسية من أعرف الفرق في العالم، حيث أسست سنة 1881، وتنشط بمسرح ”الشونزيليزي”، كان موسيقيوها وراء تأليف أكثر المقطوعات شهرة في بين القرنين التاسع عشر والعشرين، قادها في السهرة فانسن مونتوي. ويقول المتحدث أن الفرقة ”رغم كل الصعوبات التي تواجه كل ممارسي الموسيقى الكلاسيكية في العالم، إلا أنها تحاول أن تتمسك بها قدر المستطاع، فهي تجري في موسيقييها مجرى الدم في العروق”. وكان حضورها للجزائر فرصة لا تعوض لمحبي الكلاسيكيات العالمية، والأنغام الهادئة تارة والعصبية تارة أخرى للآلات الوترية، وأيضا الأصوات الحماسية لآلات النفخ، وقدمت ثلاث مقطوعات من أجمل ما ألف موزار بين سنتي 1770 و1774، تمثلت في(السيمفونية رقم 25 التي ألفت في أكتوبر من سنة 1773. ألفت في طبقة ”السول مينور” مثل سابقتها السيمفونية رقم 40) ولقبت للسبب نفسه ب”السول مينور الصغيرة”. ختام السهرة الثالثة كان بأداء جامح لمغنيتي الأوبرا أميليا جاردون وجولي موسي، وعزفٍ منفرد لدانيال تونار على آلة البيانو، مرّ الثلاثي البلجيكي على منصّة الليلة الثالثة من ليالي ”المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية” في الجزائر العاصمة. سجّل الثلاثي حضوراً جميلاً تفاعل معه الجمهور الذي غصّت به جنبات مبنى المسرح الوطني الجزائري محي الدن بشطارزي، من خلال ألحان رافقت طبقات صوت ترتفع وتنخفض بمهارة، ضمن خامات عريضة تمتلكها المغنيتان. وأدّى الثلاثي سلسلة من الأغاني الأوبرالية ضمن ”ديو” غنائي استعاد روائع وأيقونات عالمية من عدّة بلدان أوروبية، مقدّماً بذلك نظرة موسّعة وقريبة لهذا الفن الكلاسيكي. كانت البداية برحلة موسيقية إلى القرن السابع عشر، من خلال مقاطع من رائعة الموسيقار الفرنسي شارل غونو (1818 – 1893) ”مرغريت فاوست”، المعروفة اختصراً بفاوست، والتي استُلهمت من رائعة الشاعر الألماني غوته. يُعدّ العمل أنجح أوبرا في التاريخ الفرنسي، وتوصف بأنها ”واحدة من أكثر الأوبرات الممتعة التي كُتبت”، وقد تُرجمت إلى 25 لغةً مختلفة وقُدّمت في أكثر من خمسين بداً. ومن فرنسا دائماً، ومن الفترة نفسها، قدّمت الفرقة رائعة ”كارمن” للموسيقار جورج بيزيه (1838 - 1875). ويحتوي العمل الذي يُعتبر واحدًا من أشهر الأعمال الأوبيرالية على اثنين من أشهر أغاني بيزيه ”الهافاني رقصة كوبية” و”مصارع الثيران أغنية”.