في سادس سهرة من المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية في طبعته السابعة اسامته جمهور مسرح محي الدين بشطارزي بروائع موسيقية من تقديم ثلاثة فرق جاءت من ثلاثة بلدان مختلفة وهي النسا السويد والتشيك. حاكت الرقة القادمة من النمسا التيار الكلاسيكي الرومانسي للقرن 17 و18 وأعادت للأذهان مقاطع خالدة، ترجمها سبعة فنانين من عازفين على البيانو والتشيللو والكمان، إضافة الى السوبرانو منصر هايدي وصاحب الصوت الجهير جورج ليهنر. وتأسست المجموعة الموسيقية لفيينا سنة 1982، ومن يومها منحت لموسيقى القرن 17 طابعا خاصا. وفي إطار تطوير الأداء والتعامل مع النصوص العالمية، تسعى الاوركسترا إلى توسيع رصيدها في العزف، وتجريب نصوص موسيقية من العصر الباروكي إلى القرن التاسع عشر. لهذا تقترح المجموعة على مستمعيها جولة عن طريق آلات تاريخية أصيلة من القرن 18 و19، كما تحاول نفض الغبار على معزوفات منسية، ونشرها في أرجاء قاعات العرض الكبرى للمهرجانات والقصور والكنائس والفضاءات المفتوحة أيضا. واستمتعت القاعة بالصوتين الرجالي والمسائي وأدائهما المسرحي حينما ترجمة قصة غرام طويلة، وقد تلائم صوت السوبرانو الأنيقة هايدا مع ”الباريتون” أو ”الجهير” جورج، ولم يبخلا الاثنان بتعابير وجهيهما، أمام أنظار الجمهور. وعزفت المجموعة لحن ”دون جيوفاني” وآخر لزيرلينا، لتزداد جمالية مع البيانو والآلات الوترية التي بدت صديقة له ومواسية لنوتاته، ختاما ومع ”فرانتز لوهاير” عزفت المجموعة أوبرات ”الأرملة السعيدة”. وقدمت اوركسترا الحجرة للمسرح الوطني لبراغ، التي تأسست سنة 1988، والمتكونة في مجملها من عازفي كمان والآلات الوترية بشكل عام، ويرتبط اسمها بالمايسترو زدينيك كوسلر الذي يعتبر مؤسس الدراماتورجيا الموسيقية من خلال طريقة عزفه المنفردة، سبق للأوركسترا أن حصلت على الكثير من الثناء من خلال مجموعة حفلاتها الأصلية، حيث قدمت كل سيمفونيات شوبير بين 92 و95، هذا الموسيقار التي تعتبر مقطوعاته تعتبر مقطوعاته جزءا قارا من برنامج حفلاتها الموسيقى الكلاسيكية. وعزفت الفرقة التي تتكون من 11 عازفا على الآلات الإيقاعية مجموعة من المقطوعات الكلاسيكية لمؤلفين تشيكيين، قصد التعريف بهم، منهم رايشنور، هاندل، جورج تيليمان، آ دفوراك وزاش. وشارك في السهرة أيضا وبالإضافة إلى أصوات الآلات الوترية التي تعتبر من ركائز الموسيقى الكلاسيكية العالمية، صوتين من للحبال الصوتين البشرية كانت ممثلة في السوبرانو أليسكا برازاكوفا ذات ال31 ربيعا والمتخرجة حديثا من معهد براغ للموسيقى، والتي تعتبر من أبرز الموسيقيين الشباب التشيكيين، التي قدمت في السهرة مقطوعة ”كقمر صغير في ليلة حالكة” للسوبرانو والآلات الوترية، لمؤلفها التشيكي، درافوك، كما شارك في الحفلة أيضا على الآلتو، كريستينا نوزوفسكا، من خلال كونسيرتو على طبقة ”السي العالي” للموسيقار التشيكي تيليمان. يذكر أن الفرقة تقدم بصفة دائما الكثير من الحفلات في كل من ألمانيا وايطاليا واسبانيا والنمسا واليابان. وكان للسويد مرور خاص، حيث سافر من خلاله جمهور المسرح الوطني محي الدين باشطارزي، في رحلة موسيقية على متن المعزوفات الوترية التي أدّاها على آلة الكمان. وقدّم الرباعي معزوفة موسيقية بعنوان ”رباعية الأوتار” للموسيقي السويدي الشهير أوليس سالينان، إضافة إلى أربع معزوفات للموسيقية السويدية فلبورغ أولان. يضمّ الرباعي أربعة عازفين هم كيرستي ليزن وجون أندريا وآنا داكلفيست وبارتز، توماس، وجميعهم تخرّجوا من المعهد الملكي للموسيقى في استوكهولم، فضلا عن مزاولة كلّ واحد منهم تكوينا في الموسيقى في عدد من العواصم الأوروبية. وأثنت عازفة الكمان في فرقة ”رباعي داكلفيست” السويدية، آنّا داكلفيست، على المهرجان الوطني للموسيقى السيمفونية، معتبرةً إيّاه مناسبة ثمينة للالتقاء بين الجمهور والموسيقيين من جهة، والاحتكاك بين موسيقيين من مختلف أنحاء العالم من جهة ثانية. كما عبّرت داكلفيست، في تصريح لموقع المهرجان، عن سعادتها بالمشاركة في هذه التظاهرة الموسيقية، والوقوف أمام الجمهور الجزائري الذي قالت إن فرقتها لمست ”تفاعله الجميل” مع أدائها على المنصّة. وعن اختيار المقطوعات الموسيقية التي قدّمها الرباعي، خلال الليلة السادسة من ليالي المهرجان، قالت المتحدّثة إن الاختيارات راعت تقديم أنماط موسيقية عديدة، تعكس التنوّع الموسيقي والثقافي الموجود في السود. وقالت داكلفيست إن فرقتها قدّمت معزوفات لفنانين من السويد ”من أجل إعطاء نظرة مقرّبة عن الموسيقى السويدية للجزائريين”، وأيضا موسيقى عصرية ؛ للقول إن ثمّة موسيقيين يرفدون التراث الموسيقي ويضيفون إليه، من خلال تأليف أعمال جديد، وأن الأمر لا يقتصر على الموروث المستمدّ من القرن السابع عشر والثامن عشر. وفي هذا السياق، شدّدت المتحدّثة على أن تأليف الموسيقى الكلاسيكية ليس أمراً يسيراً، إذ يتطلّب الكثير من الصبر والمثابرة، إضافة إلى المعرفة والدراية العميقين بالموسيقى وعوالمها، معترفةً في الوقت نفسه بأن سوق الموسيقى الكلاسيكية يشهد ”تقلّصاً” في أوروبا لحساب أنواع أخرى.