يتذاكى السفير بشار الجعفري، الذي يرأس الوفد الرسمي السوري الى محادثات جنيف، في مؤتمره الصحافي الذي عقده عقب إعلان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تعليق المحادثات، فيقول إن الأخير علّق المحادثات ”حمايةً للمعارضة من الحرَج وحمايةً لنفسه”، وأن دي ميستورا حاول إقناع المعارضة بالبقاء لكنها كانت تبيّت قرار مقاطعة المحادثات! المفارقة أنه بعد حديث الجعفري واختلاقاته على المبعوث الأممي، يصرّح مسؤول بارز في الأممالمتحدة بأن قرار دي ميستورا تعليق مفاوضات جنيف حتى 25 شباط (فبراير) الجاري، جاء بسبب التصعيد العسكري الروسي الذي يهدف إلى ”إذلال المعارضة”. ونقلت وكالة ”رويترز” عن المسؤول القول: ”أعتقد أن المبعوث الخاص قرر تعليق المحادثات، لأن المنظمة الدولية لا تريد أن يُربط بينها وبين التصعيد الروسي في سورية، الذي يثير أخطاراً بتقويض المحادثات برمتها”. نبرة خطاب الجعفري ولغة جسده ومضمون خطاباته تؤكد، بما لا يدعو الى الشك، أنّ النظام السوري جاء الى المحادثات، بدعم روسي، لكي يُفشلها. كان أسلوب ”التشبيح” و ”الاستقواء” بصانع ”السوخوي” واضحاً في كل تصريح وكلمة يقولها الجعفري، متّهماً قادة المعارضة بأنهم ”هواة في السياسة” وصولاً إلى اعتبارهم كائنات هلامية لا هوية لهم، وأنهم ”معارضات وليسوا معارضة”، بل إنهم، في عُرف الجعفري، ”طرف آخر” بلا محددات أو قوام أو ملامح، كما كان يردد في كل حديث للإعلام طيلة الأيام الماضية، في سياق الحرب النفسية والتحضير للنتيجة التي انتهت إليها المحادثات. الجعفري نموذج مثالي لعكس صورة نظام لم يتغيّر بعد مرور ست سنوات على قتله شعبه، وتلهّيه وحلفائه بتجويع مضايا وغيرها، والسخرية والتشفّي بآلام سكانها وضحاياها. وإذا صحّت الأنباء التي تقول إن الجعفري يحظى بإعجاب بشار الأسد الى درجة أنه قد يرشّحه لرئاسة الوزراء، فإن هذا يتناغم مع فكرة تتكرر ومفادها أنّ روسيا بتدخلها غير العادل لمصلحة الأسد والميليشيات الإيرانية، إنما زادت النظام السوري بطشاً واستبداداً، فاجتمع في سورية الاستبداد الأسدي مع الاستبداد البوتيني، ولا أدلّ على ذلك من أن هيثم منّاع، الذي كان قبل التدخل الروسي مقبولاً لدى النظام كمعارضة معتدلة، يغدو اليوم منبوذاً، وتُمارِس عليه موسكو، كما صرّح منّاع نفسه، الضغوط والإملاءات كي ”يتماشى” مع رغباتها في اختيار الأشخاص الذين يمثلون المعارضة، ووفق مقاساتها ومعاييرها لمعاني الاعتدال والإرهاب والتطرف والتشدّد، التي بات منّاع ورفاقه على حافة الاقتراب منها بناء على تصنيفات موسكو والنظام السوري الذي بعث بالجعفري إلى ”جنيف 3” ليرسم بوضوح أكبر صورته بعد التدخل الروسي. ألم يكن تلفزيون ”الدنيا” يقول منذ سنوات، إن ”الجعفري أفضل من يضع النقاط على الحروف”؟!.