مالية بوعطية، فتاة جزائرية، سمراء جميلة، ذكية، وطالبة جامعية متفوقة، لا أدري أن أقول عنها إنها ضحية العشرية الأمنية، التي أجبرت والداها الجامعيان على الهجرة، أم أنها كانت فرصة لها وأختيها، أن تجني ثمار هذه الهجرة القسرية، فلم تكتف بتحصيل العلم في الجامعة، بل هي تخوض نضالا على كل الجبهات، نضالا علميا ونضالا ضد المظالم، فكانت النتيجة أنها انتخبت أمس، على رأس أكبر نقابة طلابية بريطانية ”ناشيونال أونيون أوف ستودانت”، وكانت بذلك أول امرأة مسلمة تنتخب على رأس هذه الهيئة. لم يفاجئني خبر انتخابها على رأس هذه الهيئة، فقد عرفتها فتاة مثابرة ومؤمنة بمبادئها، التي دافعت عنها في كل المنابر الإعلامية والاجتماعية، العروبة والإسلام والقضية الفلسطينية وحقوق الطلبة من أصول غير بريطانية. ولمالية وأختيها قصة نجاح جميلة، روتها لي والدتها لطيفة، الأستاذة الجامعية، السنة الماضية وهي تزورني وعائلتها في بيتي، كيف انتقلت إلى بريطانيا وكانت مالية تدرس في الطور الابتدائي ولم تكن تعرف كلمة واحدة إنجليزية وكيف كافحت لطيفة، وكانت تسهر الليالي تقرأ القصص باللغة الإنجليزية وتساعد بناتها على تحسين مستواهن حتى يلتحقن بالزملاء في المدرسة ببرمنغهام، حيث تقيم، ولم تمض إلا أشهر قليلة حتى تفوقت مالية في المدرسة على رفيقاتها البريطانيات، ومنذ يومها ونجاحاتها متواصلة. لكن الذي فاجأني أمس، هو ردود الفعل السلبية والانتقادات التي وجهتها الصحافة البريطانية لهذه الطالبة، حيث هاجمتها بشراسة متهمة إياها أنها معارضة للصهيونية وتدافع عن القضية الفلسطينية. وهي ردود الفعل التي أثارت والدتها وتراسلني تشتكي من هذه الهجمة على ابنتها، إذ أن الصحافة البريطانية لم تستسغ أن شابة سمراء، جزائرية، عربية مسلمة، تتفوق على أندادها البريطانيين في الدراسة والنضال وتترأس أكبر وأهم وأعرق نقابة طلابية، وأكثر من ذلك فهدفها ليس ترأس هذه النقابة فحسب، بل أن يمتد تأثيرها إلى كل المجتمع البريطاني، الذي يبدو حسب الصحافة البريطانية يعاني عقدة رفض الآخر، العربي المسلم. لكن لحسن الحظ، تقول لطيفة، والدة مالية، أن هناك أصواتا إيجابية بدأت تدافع عن ابنتها، التي تناضل مثلما أسلفت على عدة جبهات، ولن تكون مهمتها على رأس المنظمة التي تضم جمعية طلابية سهلة أمام نظام جامعي بريطاني يواجه أزمة كبيرة، تؤثر على الميزانية الجامعية، تؤثر بدورها على الطلبة. هنيئا إذا لأصيلة قسنطينية، هنيئا لك مالية وأعرف مسبقا أنك ستكونين علامة فارقة على رأس هذه المؤسسة، مثلما كنت دائما طوال حياتك الدراسية تحتلين باستمرار المراتب الأولى.