«شهرزاد تولد من جديد» نراها مع كل صباح تصنع أسطورتها لتبهر الغرب كعادتها، ومع كل قصة نجاح تؤكد أن المرأة المسلمة قادرة على هزيمة المستحيل نفسه، طالما ملكت فرصتها، وزيرة هنا ومهندسة مرموقة هناك وإعلامية ومسؤولة برلمانية... كلها مناصب وضعت المرأة المسلمة ضمن قوائم أكثر النساء تأثيرا ونفوذا في الغرب. وفي البلاد البعيدة، تعلو الأصوات اليمينية المتشددة في مواجهة الهجرة العربية والإسلامية تحديدا، وتعلو أيضا أسهم الفتاة المسلمة وتدخل قائمة أكثر النساء نفوذا في البلاد، مؤكدة أن «شهرزاد المسلمة تولد من جديد».. فقط امنحوها الفرصة. كن مجرد فتيات عربيات ومسلمات حين خرجن مع أهلهن هربا من جحيم بلادهن بحثا عن جنة أوروبا، خرجن لاجئات مسلمات من أوطانهن ليصبحن وزيرات في بلاد اللجوء. أشهر 8 لاجئات مسلمات أصبحن وزيرات في دول الغرب. 8- عايدة هادزيلك «كانت لاجئة مسلمة من البوسنة، والآن وزيرة للتعليم في مملكة السويد». هربت من ويلات الحرب التي اندلعت في بلادها، وهي طفلة ابنة 5 سنوات، لتهاجر برفقة والديها إلى واحدة من أكثر الدول رفاهية في القارة العجوز، فلم تكن تعلم يومًا أنها كلاجئة مسلمة ستتاح لها الفرصة أن تصبح وزيرة في غير موطنها. عايدة هازديلك، لاجئة بوسنية مسلمة، هاجرت عام 1992 إلى السويد، هربًا من ويلات الحرب التي اندلعت بين البوسنة والهرسك وكرواتيا ويوجوسلافيا، واستمرت حتى عام 1995. نشأت «هازديلك» في مدينة هالمستاد بالسويد، وتخرجت من جامعة لوند بالحقوق، وعينت نائبة لرئيس بلدية المدينة التي ترعرعت فيها، وتم اختيارها في أكتوبر 2014 لتشغل منصب وزيرة التعليم قبل الجامعي في حكومة السويد الجديدة، برئاسة ستيفان لوفين، لتكون أول وزيرة مسلمة في السويد. ولم يكن اختيار اللاجئة المسلمة في الحكومة السويدية على سبيل الصدفة أو المجاملة، لاسيما وأن «هازديلك» عرفت بنشاطها الاجتماعي والتربوي، خلال تقلدها منصب نائب رئيس البلدية، الأمر الذي دفع مجلة اقتصادية سويدية لوضعها في المرتبة العاشرة بين 100 امرأة مميزة في السويد. ونالت الحكومة السويدية الجديدة إعجاب الأغلبية، نظرًا لما شهدته من حالة مساواة في تقسيم الحقائب الوزارية بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى الخبرات العلمية لكل وزير. 7- سعيدة وارسي «لاجئة مسلمة من باكستان، ووزيرة سابقة للدولة للشؤون الخارجية في بريطانيا». بالرغم من مواجهتها العديد من الصعوبات للوصول إلى منصب وزيرة في الحكومة البريطانية، باعتبارها أول وزيرة مسلمة تصل إلى هذا المنصب، فلم تتردد للحظة في التقدم باستقالتها من منصبها دعماً لغزة في أغسطس 2014، بعد أن أوضحت أنها فعلت كل ما تستطيع، سواء في الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، لمحاولة إقناع مجلس الوزراء البريطاني بأن السياسة البريطانية في غزة لا يمكن الدفاع عنها أخلاقيا. وجاء اختيار البارونة سعيدة وارسي، لتشغل منصبا وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، في 12 يونيو 2010 وهي لم تتجاوز ال40 من عمرها، لتكون أول وزيرة مسلمة في تاريخ بريطانيا. سلكت «وارسي» كل الدروب الممكنة كي تمنع المجازر التي تحدث في قطاع غزة ضد المدنيين العزل، فطلبت من حكومتها أن تغير من سياستها المتبعة مع إسرائيل، وذُهلت عندما علمت أن حكومتها ما زالت تصدر الأسلحة إلى إسرائيل، فيما اعتبرته مساعدة غير مباشرة من بريطانيا لقتل الأطفال الفلسطينيين، فسارعت بتقديم استقالتها. ولا يعد هذا الموقف الأول الذي تتخذه «وارسي» ضد الحكومة البريطانية، ففي سياق نقاش المملكة المتحدة بشأن حظر الحجاب عام 2010، حاول النواب المحافظون البريطانيون فرض حظر ارتداء الحجاب على النساء، فرفضت «وارسي» ذلك مؤكدة أن الملابس لا تحد المرأة من الانخراط في الحياة اليومية ولا تميزها عن غيرها. وبسبب آرائها الرافضة لحظر الحجاب صُنفت «وارسي» كواحدة من أكثر 500 شخصية مسلمة تأثيراً في العالم، بحسب تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية الإسلامية الملكية البريطاني. ولدت «وارسي» في 28 مارس 1971، وهي الطفلة الثانية لولدها الذي لديه 5 فتيات، نشأت في «ديوسبري» غرب مقاطعة «ريدنج أوف يوركشاير» البريطانية، لعائلة من المهاجرين الباكستانين، وبدأ والدها حياته العملية كعامل في مطحنة وتمكن من عمل شركة رأس مالها 2 مليون جنيه إسترليني، ودائما ما تفتخر «وارسي» بنجاح والدها، ما جعلها تتبني مبادئ وأفكار المحافظين. وتزوجت «وارسي» من ابن عمها «نعيم» عام 1990 وطلقت منه في 2007، ولديها ابنه تدعى «آمنة»، ثم تزوجت مرة ثانية عام 2009 من افتخار عاظم ولديهم 4 أبناء. درست «وارسي» القانون في كلية «ديوسبري» بجامعة ليدز وعملت كمحامية، وبدأت حياتها السياسية منذ أن كانت طالبة عندما انتخبت نائبًا لرئيس اتحاد الطلاب في كلية «ديوسبري»، وتم اختيارها لعضوية مجلس اللوردات عن حزب المحافظين قبل عدة أعوام، وشغلت عدة مناصب في حكومة الظل لحزب المحافظين من بينهم منصب وزيرة ترابط المجتمع والعمل الاجتماعي في حكومة الظل البريطانية عام 2007، كما أنها شغلت سابقًا منصب نائب رئيس الحزب. ومن بين أشهر موقفها السياسية ل«وراسي» إطلاق سراح المعلمة البريطانية، جيليان جيبونز، التي اعتقلتها السلطات السودانية عام 2007، وقدمتها للمحاكمة على خلفية اتهامات بالإساءة إلى الدين الإسلامي، بعدما سمحت لطلبتها في إحدى المدارس بتسمية دمية على شكل دب باسم «محمد». ويطلق على «رواسي» لقب أكثر النساء المسلمات نفوذًا في بريطانيا وتتسم سياستها بالانفتاح والدعوة للمشاركة في الحياة السياسية للمسلمين والدفاع عن حق فلسطين والمرأة. وتؤمن «وارسي» بضرورة اندماج أبناء الجالية العربية والمسلمة في بريطانيا في العمل السياسي البرلماني البريطاني والترشح في الانتخابات النيابية والبلدية من أجل القيام بدور أكبر في البلد الذي يعيشون فيه وكي لا يشعروا بالتهميش. وتعرضت «وارسي» للرشق بالبيض في 1 ديسمبر 2009 في منطقة بيري بارك ذات الأكثرية المسلمة حيث اتهمها المحتجون بأنها «مسلمة غير ملتزمة، وأنها تؤيد قتل المسلمين في أفغانستان». وعملت «وارسي»على مشروع بحثي عن وزارة القانون في باكستان وترأس حالياً مؤسسة «سعيدة» الخيرية لتمكين المرأة، ومقرها باكستان، كما تعد من أشد المهتمين بتشريع القوانين الخاصة بقضايا مثل الزواج القسري وختان الإناث ومضغ القات. 6- نجاة بلقاسم «مهاجرة مسلمة من المغرب، وتشغل الآن منصب وزير التعليم العام والعالي والبحث العلمي في فرنسا». بعد 30 عامًا من هجرتها من شمال المغرب، أصبحت نجاة فالو بلقاسم، ذات الشعر ال«جارسون» والوجه الجميل، نموذج نجاح للنساء العربيات المهاجرات في فرنسا، لكونها أصغر وزيرة في الحكومة الفرنسية، بتوليها حقيبة شؤون المرأة ووزارة الشباب والرياضة مع القيام بمهام الناطقة الرسمية باسم الحكومة، ثم تم تعيينها في الحكومة الفرنسية الجديدة التي تشكلت أواخر أغسطس2014 وزيرة للتربية والتعليم العالي والبحث. أثار تعيين «بلقاسم» وزيرة للتعليم ضجة في مختلف الأوساط الفرنسية، إذ إنه لأول مرة يتم تعيين امرأة وزيرة للتعليم في فرنسا، والمؤكد أن الكثيرين من الساسة، وحتى من عامّة الفرنسيين استكثروا على «نجاة» هذا المنصب الحكومي الهام لأسباب عديدة ومختلفة، وانتقدوا اختيارها، لتشرف وتدير إحدى أهم الوزارات. و«بلقاسم» التي تظهر دائماً وهي مبتسمة لم تتجاوز ال36 من العمر، وهي من أصل عربي، وتحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، ولدت في بلدة «بني شكير» بإقليم «الناظور» بشمال المغرب، وغادرت عام 1982 إلى فرنسا وهي طفلة في ال5 مع أمها للالتحاق بأبيها الذي كان يشتغل عامل بناء في مدينة ليون وسط فرنسا، ولها 6 أشقاء ذكوراً وإناثاً، وهي في الأصل من عائلة فقيرة، وكانت وهي في ال5 من العمر ترعى الماعز مع جدها. «بلقاسم» كانت طالبة مجتهدة وطموحة، كافحت لترتقي بتعليمها اجتماعياً وفكرياً، ولم تكن ترضى لنفسها بأن تصبح عاملة في مصنع أو ربة بيت، لذلك تمسكت بدراستها، وتابعت تعليمها العالي في اختصاص «الحقوق» والعلوم السياسية، وبعد حصولها على الجنسية الفرنسية، في عمر ال18 عاما، بدأت تخطط لمستقبلها المهني، وبدأت حياتها المهنية بالعمل مستشارة قانونية في مكتب محاماة في مجلس الدولة، في بلدية مدينة «ليون»، التي تعد إحدى أكبر وأهم المدن الفرنسية، وفي محكمة النقض، حيث أمضت 3 أعوام، وانضمت إلى الحزب الاشتراكي عام 2002، وعملت كمستشارة في ديوان رئيس بلدية ليون، جيرار كولومب، الذي كان أيضاً عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي. وتزوجت «بلقاسم» عام 2005 من نائب فرنسي، بوريس فالو، 38 عاما، ينتمي هو الآخر إلى الحزب الاشتراكي، ويعمل حالياً مدير مكتب أحد الوزراء، وأنجبت منه توأمين، هما «لوي ونور»، وتعارفا منذ 10 أعوام في مكتبة الكلية التي كانا يدرسان بها معاً. وبين عامي 2002 و2007، شغلت «بلقاسم» مناصب عدة داخل الحزب الاشتراكي وكانت ناطقة رسمية لحملة يجولين روايال، الزوجة السابقة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في الانتخابات الرئاسية 2007، كما شاركت في العديد من المهرجانات الانتخابية، والحوارات السياسية، ودافعت عن مرشح الحزب، فرانسوا هولاند، بقوة، برفقة أوريلي فليبيتي ومسؤولين آخرين. وبعد فوز «هولاند» في الانتخابات الرئاسية، في مايو 2012، تم تعيين «بلقاسم» وزيرة لحقوق المرأة، والناطقة الرسمية باسم الحكومة، لتكون بذلك أصغر وزيرة سناً في حكومة جان مارك إيرولت، حتى أن صحيفة «جارديان» البريطانية، أطلقت عليها لقب «الوجه الجديد لفرنسا»، فهي تمثل فعلاً جيلاً جديداً من الشباب. وفي 2013، أنشأت «بلقاسم» المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء، وهي هيئة تدافع عن مبدأ المساواة بين الجنسيين، في جميع مجالات الحياة، وعام 2014 تم تعيينها وزيرة لحقوق المرأة والمدينة والرياضة والشباب في حكومة، مانويل فالس، السابقة، ثم وزيرة للتربية في الحكومة الأخيرة. ولأنها امرأة أنيقة وجميلة، فتم اختيار «بلقاسم» من مجلة شهيرة «المرأة الأكثر جاذبية في فرنسا»، وأظهرت كثير من استطلاعات الرأي أنها من أكثر النساء العاملات في المجال السياسي في فرنسا شعبية، وتصدرت القائمة أكثر من مرّة. 5- رشيدة داتي «مهاجرة مسلمة من المغرب، وشغلت منصب وزيرة العمل في فرنسا قبل عامين». استطاعت أن تحصل على إعجاب الجميع بإصرارها وتحديها بعد أن شقت طريقها في عالم السياسة الذي عادة ما يحتكره الرجال ونجاحها به وبما حققته بعد أن أصبحت أول مسلمة من أصل عربي تشغل منصب وزيرة في حكومة فرنسية، هي وزيرة العدل الفرنسية السابقة، رشيدة داتي، ذات الأصول المغربية التي أثارت ضجة صحفية وإعلامية بعد تعيينها. «داتي» من مواليد 27 نوفمبر 1965، سياسية و قاضية فرنسية من أصل مغاربي، أب مغربي وأم جزائرية، تعتبر أول امرأة من أصل عربي تتولى حقيبة وزارية في الحكومة الفرنسية. عملت «داتي» متحدثة باسم نيكولا ساركوزي خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2007، وشغلت منصب حارسة أختام الجمهورية ووزيرة العدل في حكومة فرنسوا فيون الأولى والثانية منذ ماي 2007 حتى 23 يونيو عام 2009، وهي أيضا رئيس بلدية الدائرة السابعة في باريس منذ 29 مارس 2008 و نائبة في البرلمان الأوروبي منذ 14 يوليو 2009. نشأت «داتي» في مدينة سان ريمي الفرنسية لعائلة مهاجرة فقيرة وغير متعلمة، فأبوها عامل مغربي وأمها جزائرية وهى ثاني مولود من بين إخوانها وأخواتها البالغ عددهم 11، وعملت كمساعدة ممرضة لتمويل دراستها التي كانت متفوقة بها ودرست القانون في جامعة «دييجو» الفرنسية، وحصلت على درجة الماجستير في القانون العام وماجستير في العلوم الاقتصادية وإدارة الشركات. عملت «داتي» في بداية حياتها في شركة نفط فرنسية كبرى «إلف»، ثم في مجموعة «ماترا» للاتصالات، وعملت في الفترة ما بين 1993و1994 في قسم تدقيق الحسابات بالبنك الأوربي للإعمار والتنمية في لندن. وفي عام 2002، بدأت تشق طريقها السياسي التي لم تتنازل عن دخوله من أوسع الأبواب وهو باب، نيكولا ساركوزي، الذي كان وزيرا للداخلية حينذاك وعينها مسئولة في مبادرته التي أطلقها لمكافحة الجريمة، وكانت «داتي» همزة الوصل بين «ساركوزي» وشبان الضواحي الفرنسية التي شهدت أعمال عنف واسعة النطاق في أواخر عام 2005، ولعبت دورا بارزا في تحسين العلاقات المتوترة بين «ساركوزي» والجاليات المهاجرة في الضواحي الفرنسية. وفى عام 2006، التحقت بصفوف حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية بزعامة «ساركوزي»، وفى 2007 أصبحت «داتي» الناطقة باسم «ساركوزي» خلال معركته في الانتخابات الرئاسية وبعد فوزه بالرئاسة لم يتخل عنها بل قام بتعيينها في حكومته وزيرة للعدل لتصبح أول شخصية منحدرة من أصول عربية تتولى ذلك المنصب في دولة أوروبية وظلت في حكومة، فرنسوا فيون، الأولى والثانية حتى تنحت في مايو عام 2009، وشغلت أيضا منصب رئيس بلدة في باريس منذ مارس 2008 ونائبة في البرلمان الأوروبي منذ يوليو 2009. وفي دليل على نجاحها نشرت مجلة «لو بوان» الفرنسية، صورتها على صفحتها الأولى وهي تبتسم وترمز لجيل «موجة ساركوزي الجديد»، ووصفتها صحيفة «ليبراسيون» اليسارية، أنها «الرمز المثالي للاندماج السعيد» في بلد كشفت فيه اضطرابات عام 2005 في ضواحي كبرى المدن حيث الغالبية من المهاجرين, شروخا تنخر البلاد. وقالت «داتي» إنها قررت ألا تشكو في أي لحظة من حياتها من أصلها المغربي أو أن تفتخر به: «يجب التوقف عن اعتبار المواطنين من أصل أجنبي مصدر مشاكل». وأضافت: «النجاح ليس أكيدا بالنسبة لنا لكن الجمهورية تفسح أيضا المجال أما مسيرات ناجحة، والامتحانات هي نفسها بالنسبة للجميع». 4- هادية طاجيك «مهاجرة مسلمة من باكستان، وتشغل الآن وزيرة الثقافة في النرويج». في بلد تتصاعد فيه التيارات اليمينية المتطرفة والمعادية للإسلام، يقع الاختيار عليها، لتناضل من أجل التنوع الثقافي بانتمائها الديني أولاً، وبأفكارها وحماسها اللذين دفعاها لتثبت جدارتها في تولي هذا المنصب رغم صغر سنها، فقد لمع نجم، هادية طاجيك، وزيرة الثقافة في النرويج منذ أعوام مبكرة، لتشارك في العديد من الأنشطة والأعمال التي تشبه توجهها الحر، وروحها المناضلة، من أجل رفع راية التعددية الثقافية والعقائدية، واحترام مبادئ الإنسانية أولاً من خلال تقبل الآخر واحترام اختلافه. واختيار «طاجيك» ابنة المهجر المسلمة أثار إعجابا عالميا في الوقت الذي يشهد هذا العالم توترا مع المسلمين والإسلام. و«طاجيك» هي ابنة المهاجر المتواضع سروار طاجيك الذي أتى من باكستان للعمل كحارس لمتجر في أوسلو، أما والدتها فهي صفية كازلباش، هاجرا إلى النرويج عام 1970 للبحث عن حياة أفضل إلا أنهما لم يكونا يتخيلا أن يريا ابنتهما وزيرة في هذا البلد الأوروبي الكبير. ولدت القانونية والصحفية، هادية طاجيك، باكستانية الأصل، في 18 يوليو 1983، ببلدة صغيرة تابعة لمقاطعة ستراند بالنرويج، وبهذا تعد الأصغر أيضاً ضمن أعضاء الحكومة الحالية، إذ تبلغ من العمر 29 عاماً فقط. أنهت طاجيك» دراستها الابتدائية، وأكملت دراستها بالمدرسة العليا التي تخرجت فيها عام 2001، ثم توجهت للمملكة المتحدة لدراسة حقوق الإنسان بجامعة «كينجستون» البريطانية، بين عامي 2004 و2005، ثم حصلت على بكالوريوس الصحافة من جامعة «ستافينجار» بالنرويج، وبعدها توجهت لدراسة القانون بجامعة أوسلو، وحصلت على الماجستير في القانون عام 2012. عرفت «طاجيك» بالنشاط السياسي منذ سن مبكرة، فكانت من قادة حركة العمال الشباب بين عامي 1999 و2002، كما عملت كمستشار سياسي لوزير العدل النرويجي بين عامي 2008 و2009، وأصبحت ضمن مجموعة ما يعرف ب«علاقات الحجاب» بالوزارة التي كان من أحد أبرز قراراتها أنها منحت الحق للشرطيات النساء في ارتداء الحجاب أثناء العمل. يذكر أن «طاجيك» انتخبت في 14 سبتمبر 2009 كعضو في البرلمان النرويجي عن حزب العمل عن العاصمة النرويجيةأوسلو، بعد وضعها ضمن المرشحين على قائمة المقاعد ال6 الآمنة لحزب العمل، وهي مقاعد مضمون وصول من يترشح لها عن الحزب. وفي 19 سبتمبر الماضي، أعلنت «طاجيك» نيتها للترشح للانتخابات مرة أخرى، إلا أن المفاجأة جاءت باختيارها وزيرة للثقافة في التعديل الوزاري الجديد، وقد تفاجأ الجميع بأن يقع اختيار رئيس الوزراء السويدي، جينيس شتولينبرج، على «طاجيك» كسابقة تعتبر الأولى في تاريخ النرويج أن يتم اختيار فتاة مسلمة، لتدخل المجلس الوزاري. أعلنت «طاجيك» عن برنامجها، وقالت إنه سيراعي التنوع الثقافي في المجتمع، الذي أصبح جزءاً من حياة النرويجيين اليومية، وتؤمن «طاجيك» بالسياسات التعددية الثقافية، وبالتنوع المجتمعي، كما تسعى لدمجه ضمن إطار المجتمع الأكبر، وحماية حقوق الأقليات المتنوعة ثقافياً وعرقياً، وتعمل على وضع قوانين تعترف مثلاً بحق المسلمين في ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وحق الهندوس السيخ في ارتداء العمامة أثناء قيادة الدراجات البخارية، لكن تلك السياسات لم تمر دون معارضة، فبعض الجماعات المتطرفة، ومن بينها جماعات «النازيون الجدد» يرفضون تلك الإجراءات التي تقنن وضع الأقليات، وذوي الثقافات المختلفة داخل المجتمعات الأوروبية، وتعتبره تعدياً على نقاء العرق الأوروبي. 3- إيجول أوزكان «لاجئة مسلمة من تركيا، وكانت وزير للشؤون الاجتماعية في ألمانيا». ابنة ترزي متواضع تصبح أول وزيرة مسلمة في تاريخ ألمانيا، هذه هي إيجول أوزكان، 38 عاماً، التي تولت وشغلت منصب وزيرة شؤون المجتمع والاندماج في ولاية ساكسونيا السفلى في ابريل 2010، وهو المنصب الأرفع لأي مسلم في البلاد، وتعد بذلك أول امرأة من أصول أجنبية، يتم تعيينها كوزيرة في تاريخ الدولة الألمانية. و«أوزكان» من أصل تركي، حيث قدم والدها إلى هامبورج يوم 2 ديسمبر 1963، وبعد 5 أعوام من عمله كموظف بريد، أنشأ متجره الخاص وأحضر زوجته نوران إلى ألمانيا، حيث أنجبا ابنتيهما. وعملت «أوزكان» في العديد من المناصب حتى وصلت إلى منصب مديرة تنفيذية في شركة الطرود العالمية «تي. إن. تي» قبل أن تتقلد منصبها الوزاري الأخير. وتنسب «أوزكان» نجاحها إلى والدها، خياط يقوم بتعديل وتجديد الملابس القديمة ويحيك بطانة وحواشي الملابس منذ أكثر من 4 عقود، وهو لا يزال يفتح ورشته الموجود ويقوم بأعمال بسيطة مثل تقصير طول البنطال أو تعديل السترات أو إضفاء تعديلات على بعض الفساتين. وتسترجع «أوزكان» حياتها مشيرة إلى أن والدها آمن بها كثيرا ورأى الكثير من مميزاتها، وكافح كثيرا من أجل بقائها في التعليم، خاصة أن مدرسيها في المراحل الابتدائية والإعدادية أشاروا إلى أن إمكانياتها لا تؤهلها لاستكمال تعليمها، إلا أنه واصل مساندتها في مجلس الآباء حتى أنهت دراستها الثانوية بشكل متميز. و«أوزكان» متزوجة من طبيب ويعيشا في هامبورج مع ابنهما، 7 أعوام. وتقول «أوزكان» إنها كانت مهتمة بالشؤون السياسية منذ حصولها على تدريب عام 1997 في البرلمان الأوروبي، قبل أن تنضم إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عام 2004. وتحافظ «أوزكان» التي ترتدي كثيراً بذلات رسمية وتضع قليلاً من مساحيق الزينة، على ابتسامة دائمة وتبدو أنها لا تكل ولا تمل وهى تتعامل مع اهتمام كاميرات المحطات التليفزيونية الألمانية والتركية على حد سواء بها ومتابعتها لها. وقبل تعيينها بشكل رسمي كأول وزيرة من أصول مسلمة في ألمانيا، فجرت «أوزكان» جدلاً واسعاً في ألمانيا بسبب مطالبتها منع تعليق الصليب في المدارس، قائلة إن «الرموز المسيحية ليس مكانها المدارس، مثل الحجاب تماما ويجب أن تكون المدارس منطقة محايدة»، ما عرضها لعاصفة من الانتقادات بل وبعض التهديدات بالقتل. 2- أيدن أوجوز «مهاجرة مسلمة من تركيا، وتشغل الآن منصب وزيرة الهجرة والسكان في ألمانيا». أيدن أوجوز، ولدت في 31 مايو 1967، وهى سياسية عضوة في «البوندستاج»، البرلمان الاتحادي، ويضم الممثلون المنتخبون للشعب الألماني، كما أنها عضوة في الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا، وفي ديسمبر 2011، تولت منصب نائب الرئيس منذ ديسمبر 2011، وتولت وزارة الهجرة والسكان في ألمانيا عام 2013. و«أوجوز» ابنة موظف مهاجر للعمل من ألمانيا إلى تركيا عام 1958، وحصل والدها على الجنسية الألمانية عام 1989، بعد تحقيقه نجاح كبير في مجال التجارة الغذائية. ولشغفها في قراءة الأدب الإنجليزي والإسباني، تخرجت «أوجوز» بجامعة «هامبورج» الألمانية بشهادة في الأدب الإنجليزي، وكانت رئيسة اتحاد الطلاب، وحصلت على درجة الماجيستير في الموارد البشرية، حسب قولها. وبعد تخرجها، عملت «أوجوز» كمساعدة لرئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا ذو الأصل التركي. وتزوجت «أوجوز» من عضو البرلمان، مايكل نيومان، وأنجبت طفلين. 1- سوسن شبلي «مهاجرة مسلمة فلسطينية، وحالياً هي المتحدثة باسم وزارة الخارجية في ألمانيا». تقول إن طوال حياتها طاردها سؤال واحد هو «كيف يمكنني أن أساهم بدوري في التأثير في هذه السياسة؟» وبالرغم من كل الصعوبات التي واجهتها منذ صغرها ورغم انحدارها من أسرة فلسطينية غير متعلمة، نجحت، سوسن شبلي، أن تصبح أول امرأة من أصول أجنبية تتولى رئاسة قسم حوار الثقافات لدى وزير داخلية الحكومة المحلية في ولاية برلين. وفي 24 يناير 2014، شغلت «شلبي» منصب المتحدثة باسم وزارة الخارجية في ألمانيا، لتكون بذلك أول مسلمة تشغل هذا المنصب في تاريخ ألمانيا. وأصبحت «شبلي» العربية الأولى والمسلمة الثانية التي تشغل منصبا مهما في الحكومة الألمانية الجديدة، بعد تعيين التركية، إيجول أوزكان، وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللاجئين والاستيعاب في ألمانيا، وهي سابقة لم تشهدها ألمانيا من قبل. اضطرت عائلة «شبلي» بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 إلى الانتقال للعيش في لبنان، حيث أمضت 20 عاما هناك قبل أن تهاجر العائلة الفلسطينية للعيش في ألمانيا، وهناك ولدت «سوسن»، التي تبلغ 35 عاما، ونشأت في ظروف صعبة، إذ ظلت وإلى حين بلوغها سن ال12 بدون جنسية وبدون أوراق إقامة دائمة. افتقدت «شلبي» دعم والديها في مسارها الدراسي لكونهما كانا أميين ويتحدثان فقط باللغة العربية في المنزل، كما كان تريبها ال11 من بين 12 أخ وأخت، وبالرغم من ذلك استطاعت أن تتغلب على هذه الظروف وتمكنت من الحصول على شهادة الثانوية العامة والتحقت بالجامعة لدراسة العلوم السياسية، واختيارها لهذه الشعبة لم يكن وليد الصدفة كما تحكي، فكونها تربت كلاجئة فلسطينية أدركت منذ صغرها كيف يمكن للسياسة أن تساهم في صنع مصير عائلة بأكملها. وتشكل قضايا الإسلام أحد أكبر اهتمامات «شبلي»، ونظمت مؤخرا زيارة لأحد مساجد برلين شارك فيها موظفو وزارة الداخلية في حكومة ولاية برلين، وكان الهدف منها التعرف عن قرب على المسلمين الذين يعيشون في العاصمة الألمانية، برلين، وتقول في هذا الشأن «لا يتعلق الأمر هنا بزيارة المسجد في حد ذاته وإنما بالتعرف على المسلمين عن قرب». «شلبي» مسلمة تصلي وتصوم ولا تأكل لحم الخنزير، لكنها لا ترتدي الحجاب، ولها في ذلك أسباب تشرحها كما يلي «لا أرتدي الحجاب لأنني أعرف أنه من الصعب على المرأة المحجبة تحقيق نجاح كبير هنا في ألمانيا»، كما أنها تنظر إلى الحجاب كونه يعبر عن قوة تدين المرأة وترفض أي إقصاء لهذه الفئة من المجتمع، وتحاول من خلال عقد عدة مؤتمرات حول الإسلام، العمل على تسهيل إدماج المسلمات في سوق العمل في ألمانيا وتقول في هذا السياق «بالحجاب أو بدون حجاب لا يجب أن يكون هناك أي تمييز في حق النساء».