سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فورين بوليسي: مشكل البرازيل أكبر بكثير من روسيف ولن تنقذها إلاّ معجزة من السماء قالت: مؤشر "بوفيسبا" انهار واستعاد عافيته بمجرّد مباشرة إقالتها ما يعني أنّ مستثمرين يريدون رحيلها
وافق مجلس الشيوخ البرازيلي، يوم الخميس، على تعليق مهام رئيسة البلاد ديلما روسيف، بما يعني تولي نائبها ميشال تامر- الذي كان حليفها ليتحوّل بعدها إلى أشد خصومها- مهام الرئاسة، إلى حين صدور حكم يحسم مصيرها نهائيا. وبعد مناقشات استمرت 22 ساعة، صوّت مجلس الشيوخ بغالبية 55 من أصل 81 عضوا لصالح توجيه التهم إلى الزعيمة اليسارية فيما رفض 22 عضوا التصويت. وتواجه رئيسة البرازيل اتهامات بالتلاعب بالحسابات العامة في 2014، لإعادة انتخابها، بهدف إخفاء حجم الأزمة الاقتصادية في البلاد. وتنفي روسيف، التهم، وتقول إنها استخدمت آلية لجأ إليها أسلافها من دون أن يتعرضوا لأي انتقاد جراء ذلك. واتهمت رئيسة البرازيل خصومها السياسيين بالوقوف وراء القرار معتبرة ذلك ”انقلابا”، وأنها ضحية مهزلة قضائية وسياسية، وتعهدت أن تدافع عن نفسها بكل السبل القانونية. وقالت روسيف ”كانت مساعي الخصوم السياسيين تستهدفني للنيل من سمعتي والإطاحة بي، لكن نضالي وتمسكي بمبادئي التي أومن بها جعلتني أتغلب عن هذه التحديات التي تتعقبني” وتابعت قائلة ”لقد تعرضت للتعذيب والآن أعاني ألام ظلم لا تطاق” وختمت كلمتها ”ادعوا البرازيليين، كل البرازيليين للوقوف في وجه الانتهازيين وان يقولوا لا للانقلاب”. وكان مكتب الإعلام في حزب العمال أفاد أن روسيف ستلقي خطابا قبل أن تغادر القصر الرئاسي وستلتقي أنصارها، داعيا جميع نوابه وناشطيه إلى التجمع أمام قصر الرئاسة للتأكيد على عدم القبول بأي حكومة غير شرعية. وفي السياق، ذكر مقال تحليلي نشره موقع ”فورين بوليسي، يوم أمس، للصحفية الأرجنتينية ماريا إلينا كانديا، المختصة في الشؤون الاقتصادية لأمريكا اللاتينية، أنّه بغض النظر عن أزمة الرئاسة وإقالة روسيف، تعاني البرازيل مشاكل عويصة كالعجز في الميزانية، وفقدان الحكومة السيطرة على النفقات، وتفشي الفساد، ناهيك عن الفراغ السياسي الذي سيتمخّض عن تنحية روسيف. وأكّدت الصحيفة: ”لن تنقذ رئيسة البرازيل ديلما روسيف الاّ معجزة من السماء”. وكان مجلس النوّاب صوّت في 17 فبريل الماضي على بدء إجراءات إقالة روسيف، وتقول الصحيفة إنّ من دواع السخرية كون هذا العجز في الميزانية، يعادل نحو 2.28 في المائة من الناتج المحلى الاجمالي، وأنّه سيبقى واحدا من أكبر المشاكل الاقتصادية للبلاد - بغض النظر عن بقاء روسيف في الحكم من عدمه، وستظل مصدر قلق كبير لخليفة روسيف ميشيل تامر. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الأسهم في البرازيل أغلقت مرتفعة في نهاية تداولات الأسبوع الماضي في ساو باولو، وأنّ مؤشر بوفيسبا بلغ أعلى مستوى له. وكان رينان كاليروس، رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي أمر بالمضي في إقالة روسيف، وتجاهل القرار الذي أصدره رئيس مجلس النواب بالنيابة لإلغاء نتائج الجلسة التي تقرّر خلالها عزل رئيسة البلاد، بعد أن فاجأ رئيس مجلس النواب البرازيلي فالدير مارينياو الجميع، يوم الاثنين الماضي، بإلغاء تصويت النواب على آلية إقالة روسيف. وتسبب هذا القرار في ”فوضى”، لاسيما وأنّ دعوة كانت قد وُجهت لأعضاء مجلس الشيوخ بحر هذا الأسبوع للتصويت على مباشرة إجراءات إقالتها. ووافق مارينياو على طلب طعن تقدم به المحامي العام للدولة وزير العدل السابق في حكومة روسيف جوزيه إدواردو كاردوزو، الذي يتخذ موقع الدفاع عن الرئيسة في البرلمان. لتأخذ عملية إقالة روسيف مجراها مجددا، ومن المفترض أن تتواصل هذه الإجراءات ما لم تتدخل المحكمة الاتحادية العليا لوقفها. وتقول الصحيفة أنه في تلك الأثناء شهد مؤشر ”بوفيسبا” هبوطاً هائلاً في يوم واحد، بلغ 3.5 بالمئة، ثم 4.6 بالمئة على التوالي. لكنه سرعان ما استعاد عافيته عندما أعلن مجلس الشيوخ المضي في إقالة روسيف. وفسرت كاتبة المقال المقال ذلك بأنّ ”المستثمرين يريدون رحيل رئيسة البلاد”. وتضيف الصحيفة إن التدابير الرامية لاستقرار الاقتصاد البرازيلي سواء ظلت روسيف في منصبها أو رحلت سيظل أمرا صعب التنفيذ، وتوقعت عدم تحقيق نتائج فورية، كما سيتعين على حكومة تامر مقاومة ”تراخ اقتصاد البلاد” بهيكلية طويلة الأمد. وقد يبقى النمو بعيد المنال، وستعرف الميزانية انكماشا، لأن أكثر من 85 في المائة من الانفاق الفيدرالي هو حق يكفله الدستور، وتتطلب التغييرات الضرورية تعديلات يقرها الكونغرس. وأردفت فورين بوليسي أنّ حكومة تامر ستجد نفسها مضطرة لجمع الدعم السياسي الكافي لدى المشرعين الذين لم يملكوا الشجاعة الكافية للموافقة على جملة من تدابير التقشف التي لاقت استياء شعبيا. لتجدد التأكيد أن مشكل البرازيل العميق أبعد من أزمة الرئاسة الحالية. وخلصت الصحيفة إلى أنّ تغيير سياسة الحكومة البرازيلية، بعد 13 عاما من حكم حزب العمال، قد يكسر الجمود السياسي الذي ساد طيلة فترة حكم روسيف، ومع ذلك لن تكفي الانطلاقة الجديدة لبعث الاقتصاد البرازيلي في المستقبل القريب إذا ما أخدنا في الحسبان المناخ السياسي الفاسد الذي يسود البلاد.