ما علاقة سيناريو ”الانقلاب” في تركيا وإعادة أردوغان العلاقة مع إسرائيل التي هي في الحقيقة لم تنقطع، فقط كان يريد من وراء ”تهدئة” العلاقة بعد أحداث سفينة مرمرة للضحك على العقول البسيطة التي كانت ترى في الرجل الفارس الذي سيعيد فتح القسطنطينية والقضاء على إرث أتاتورك العلماني، ومن هنا جاء سيناريو مغادرة جلسة كرانز مونتانا أمام الصهيوني بيريز، احتجاجا على العدوان في غزة، ويعطي لعقول العصافير شيئا تلوكه عن عنتريات زعيمهم الجديد!؟ عندما نعرف أن الانقلاب المزعوم أدى إلى تدمير الجيش التركي ماديا ومعنويا، فإن الأمور تصير أكثر وضوحا. فقد دمر المخابرات وسلاح الجو، وأدى إلى مقتل الآلاف من الجنود الذين كانوا يعتقدون أنهم يقومون بمناورات، وتكفي الصورة المشينة للشرطة وهي تسجل وتقتل الجنود الذين سلموا أنفسهم، فماذا بقي بعد هذا من قوة ومكانة للجيش التركي؟ ألم تستهدف إسرائيل ومن ورائها أمريكا كل جيوش منطقة الشرق الأوسط، دمرت الجيش المصري والعراقي والسوري والآن التركي الذي لم يحمه انخراطه في الناتو! صور لمجازر ملتحين تابعين للعدالة والتنمية يقطعون رأس جندي تماما مثلما تفعل داعش بجنود سوريا. فهل نفذ أردوغان ”المنتصر” في معركته الدونكيشوتية هذه خطة أصدقاؤه في تل أبيب؟ فالإخوان مستعدون للتحالف مع الشيطان من أجل مشروعهم التدميري؟ ثم لماذا استهداف مؤسسة ”خدمة” وزعيمها فتح الله غولن، التي حملت أردوغان إلى الحكم ظنا منهم أنه سيطبق الإسلام الحضاري؟ وما دور إسرائيل دائما في استهداف هذه المؤسسة الخيرية التي نذرت جهدها وجندت رجالها وأموالها لبناء الإنسان ببناء المدارس والجامعات واختارت لها أحدث نماذج التعليم في العالم، مثلما تقدم أعمالا خيرية للفقراء في كل العالم من افريقيا وآسيا، تبني القرى والمستشفيات وتتكفل بإيصال الماء إلى العطاشى والعلاج إلى المرضى، بناء على توصية الرجل فتح غولن، الذي يطالب أردوغان أمريكا بتسليمه واتهمه أنه يقف وراء الانقلاب المزعوم؟ ألم تقتل إسرائيل العلماء في إيران وأكثر من 500 عالم في العراق ومثلهم في سوريا؟ ألم تعترف وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني أنهم يقتلون حتى التلاميذ النابغين في سوريا؟ مشروع خدمة وفتح الله غولن الحضاري الذي هو من غير وجه تركيا وليست سياسة أردوغان الضليع في الفساد، هو من يقف وراء المؤامرة على الجيش التركي وعلى غولن ومؤسسته، وإلا لماذا باشر أردوغان ”تطهير”، بل كسر شوكة الجيش، واستهدف كل من لا ينتمي إلى تياره الإخواني، وضرب المؤسسات التعليمية والإعلامية التابعة لخدمة من أشهر؟ ولماذا باشر ”بتصفية” القضاء بطرد 3000 قاض مع أن المتورط في الانقلاب المزعوم هو الجيش، أم أنه يعد القضاء لتطبيق قراراته الجنونية في محاكمة ”المتورطين” من الجيش ومن غير الجيش، وقد بدأ الحديث عن العودة للعمل بتطبيق عقوبة الإعدام على ”الانقلابيين”! لا تتستروا وراء كلام مثل أن أردوغان جاء بانتخابات ديمقراطية ولا تنسوا أن هتلر هو الآخر جاء بانتخابات ديمقراطية، فهناك شرخ وانقسامات عميقة في صفوف الشعب التركي الذي خرج بعضه أيضا مؤيدا للانقلاب. أيام عصيبة مقبلة على الشعب التركي، وإحكام أردوغان قبضته على مفاصل الدولة سيؤدي إلى تدمير كل ما بني منذ ثورة العظيم أتاتورك! وعن الداعية غولن، فشتان بين من يستثمر في المدارس والجامعات وبين من يستثمر ويمول داعش!