ازدانت جدران رواق عسلة حسين بالجزائر العاصمة، بحوالي خمسين صورة فوتوغرافية وثائقية تجسد احتفالات الجزائريين بعيد الاستقلال "5 جويلية 1962"، بعدد من شوارع وأحياء العاصمة، تبرز من بينها خصوصا أعمال مصورين جزائريين عايشوا الحدث وهم شباب. وتحت عنوان "5 جويلية 1962" قدمت هذه الصور، التي تم التقاطها في الفترة من الفاتح إلى العاشر جويلية من نفس العام، فرصة تأمل النشوة العارمة التي عمت آنذاك اعماق الشعب الجزائري الذي خرج برجاله ونسائه وأطفاله إلى الشوارع والساحات، فرحا بخروج المستعمر الفرنسي، وهو يهتف باسم الحرية والوطن. من المسمكة إلى الجامع الكبير ومن ساحة الشهداء إلى باب عزون ومن "صالومبي" المدنية إلى الأبيار، تجسد أيضا هذه الصور وجوه البراءة التي تنظر للمستقبل بإشراق وتجمعات النسوة اللائي وقفن إلى جانب الرجال في الاحتفال بعيد طال انتظاره. وعادت أيضا هذه الصور الأرشيفية بالزائرين إلى فترة دموية ارتكب فيها المستعمر الفرنسي أبشع الجرائم بحق الإنسانية، كما أبرزت بسالة الجزائريين في مقاومة المستعمر وتضحياتهم الكبيرة في سبيل حريتهم. كما عكست هذه الأعمال التي جاءت في أغلبها بالأبيض والأسود احترافية كل من الفوتوغرافيين الراحل محمد كواسي الذي تعرض له 11 صورة وأحمد الزين بسة الذي يقدم من جهته 16 صورة، حيث تتميز أعمالهما بمهنية عالية وخصوصا فيما تعلق باختيار الأمكنة والأشخاص وطريقة أخذ الصور. ويلقب ابن مدينة البليدة كواسي "1922- 1996" ب"مصور جبهة التحرير"، حيث اندمج في فرقة المسرح لجبهة التحرير الوطني عام 1958 ليجوب بعدها مخيمات اللاجئين وقواعد جيش التحرير الوطني، ويصور أيضا اجتماعات قادة الثورة وقد عرضت أعماله بالجزائر وخارجها. ويشتغل من جهته حاليا أحمد الزين بسة كمدير تصوير سينمائي، حيث شارك في العديد من الأفلام على غرار "الليل يخاف من الشمس" (1964) للمخرج الجزائري مصطفى بديع وهو من تمثيل نخبة من الفنانين الجزائريين. واعتبر محافظ المعرض الياس مزياني، أن هذه الصور تمثل "ذاكرة" المجتمع الجزائري، مضيفا أن بعضها "لا يعرف أصحابها وتم الحصول عليها من أحد هواة جمع الصور"، مضيفا أن كل الصور في الأصل "غير ملونة" غير أنه "تم تلوين بعضها آنذاك من طرف أشخاص غير معروفين..".