السياحة الداخلية تحتضر ووكالات الجنوب لم تستقبل سائحا منذ 4 سنوات رغم التقشف، مشاريع عدل، أل بي بي، مصاريف رمضان العيد والدخول المدرسي، 2.5 مليون جزائري يغادرون البلاد لقضاء عطلتهم الصيفية في الخارج لتتصدر تونس وجهة الجزائريين المفضلة ب1.5 مليون جزائري مرتقب هذه الصائفة دون منازع تليها تركيا، ماليزيا، دبي والمغرب، لتبرز وجهة "جزر البحر الهندي" على غرار جزيرة بالي الأندونيسية والمالديف وغيرها ضمن اهتمامات الجزائريين الجديدة لهذا العام. بحث سريع على النت كفيل بأن يمنحك نظرة حول العروض والخدمات التي تطرحها وكالات السياحة والأسفار هذا العام، تونس تجتاح الواجهة بأسعار تتراوح بين 42 ألف إلى غاية 50 ألف بالنسبة لفندق 4 نجوم لمدة 10 أيام، رحلات وتسهيلات تعد بها الوكالات وتنافس محموم لاقتناص أكبر عدد من الزبائن، صفحات خاصة على الفايسبوك للترويج لخدماتها السياحية لهذا العام، فيضيع المواطن بينها كونها تبيع منتجا غير ملموس، فيكون الزبون حذرا من تلاعبات وأوهام قد تسوقها هذه الوكالات. أحد ممثلي الوكالات السياحية كشف لنا أن قرب تونس من الجزائر ومعقولية الأسعار لدى منتجعاتها جعلها القبلة الأولى للعائلات الجزائرية، موضحا أن الوكالة تستقبل أكبر عدد من الزبائن الذين يختارون تونس في آخر لحظة لقضاء العطل رغم عدم استقرار الأوضاع بها، وذلك بسبب عامل الجوار الذي يحد من مصاريف التنقل. مشيرا أن تركيا وبالخصوص مدينة اسطنبول هي وجهتهم الثانية قبل حدوث الانقلاب كونها تمثل مزيجا فريدا بين النكهات الأوروبية والأسيوية، بالإضافة إلى توفرها على أجمل المناطق السياحية والأماكن التاريخية الأثرية، بأسعار تتراوح بين 150 ألف دج و170 ألف للفرد الواحد لفترة إقامة تصل إلى 9 أيام. سنوسي ل"'الفجر": "الجزائري يختار السعر وليس الوجهة..وتقييم الموسم سابق لآوانه" اتصلنا بإلياس سنوسي، نائب رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، الذي اعتبر أن الوقت الراهن سابق لأوانه لتقييم الموسم السياحي إذ لابد من الانتظار إلى غاية أواخر شهر سبتمبر لإجراء عملية تقييمية، مفنّدا أن تكون أسعار المنتجات والخدمات السياحية التي عرضتها الوكالات لهذا العام مرتفعة عن تلك المسجلة العام الماضي، مضيفا "ربما انخفاض قيمة الدينار يؤثر قليلا على أسعار المنتوج السياحي الداخلي لكن الخارجي باق بذات الأسعار هذا العام وربما أقل". وعن امتعاض المواطنين من التهاب الأسعار لهذا الموسم اعتبر سنوسي أن الظروف المادية التي يمر بها المواطن الجزائري هذه السنة هي من جعلته في ضائقة تدفعه للقول بأن الأسعار مرتفعة "أغلبية الجزائريين قد استنفذوا مدخراتهم خلال شهر رمضان والعيد فضلا عن الدخول المدرسي الذي تحضر له العائلات كما أن الكثير مكتتبون في الصيغ السكنية التي أطلقتها الحكومة على غرار مشاريع عدل وأل بي بي، ما جعل المواطن المتوسط الدخل أمام تضحية لابد منها عن طريق تطليق العطلة والسفر هذا العام". وعن اختيارات الجزائري، قال سنوسي أنه يتوجه لاختيار السعر وليس الوجهة، ما يجعله يتذمر من الخدمات التي يجدها لا ترقى لمستوى تطلعاته، كونه يبحث عن خدمات سياحية بأقل الأثمان. من جهة أخرى، اعتبر ذات المسؤول أن كثرة الوكالات السياحية أدت لإرساء "احترافية" في التعامل والخدمات المقدمة كون التنافسية المطروحة في السوق جعلت الزبون أمام تنوع في العروض وحرية في الاختيار، مؤكدا في ذات الصدد أن المواطن الجزائري أصبح "عارفا" بالمنتوج السياحي. وحول ترويج الوكالات السياحية للوجهة الأجنبية على حساب الداخلية، قال سنوسي "يستحيل الكلام اليوم عن منتوج سياحي داخلي، إذ ليس من المعقول أن تقوم الوكالات بعرض خدمات سياحية ليست موجودة أصلا، فالفنادق داخل الوطن مملوءة عن آخرها، لا مرافق سياحية، حتى وإن تم توفير غرفة أو شقة للإيجار لدى أحد الخواص فستكون بأسعار خيالية"، مشيرا أن الهدف الأول للوكالات السياحية في بلادنا هو الترويج للوجهة الوطنية كونها تنعكس بالايجاب على الاقتصاد الوطني وتؤثر على 50 قطاعا اقتصاديا إذ تعد السياحة قاطرة النهوض بالاقتصاد. صلاح ل"الفجر": "2 مليون جزائري يغادرون البلاد سنويا..تخسر على إثرهم الخزينة الملايير" محمد صلاح، رئيس جمعية الوكالات السياحية بولاية تمنراست كشف ل"الفجر"، أن السياحة الداخلية لهذا الموسم قد عرفت تحسنا بالمقارنة مع الموسم الماضي من خلال حملات الترويج فضلا عن تسهيلات النقل على غرار التخفيضات التي أطلقتها شركة طيران الطاسيلي على الرحلات من الشمال إلى الجنوب. كما دعا محدثنا السلطات المحلية إلى الالتفات للسياحة الداخلية وتنظيم صالون لتعزيزها قائلا أن الصالون الدولي للسياحة والأسفار الذي احتضنته العاصمة مؤخرا روج للوجهات الأجنبية وليس الداخلية وخاصة الصحراوية التي تفتتح شهري سبتمبر وأكتوبر من كل سنة، مقترحا أن يتم تنظيم صالون لتعزيز السياحة الداخلية في شهر سبتمبر من كل سنة تشارك فيه مختلف الوكالات السياحية الناشطة بالجنوب من خلال ضبط برامج سياحية لفصل الشتاء أيضا. وعدّد محمد صلاح التسهيلات الممنوحة للجالية الجزائرية بالمهجر لتقضي عطلتها الصيفية داخل الوطن والمزايا الممنوحة لها، داع إلى منح تلك المزايا لإغراء المغتربين بزيارة الجنوب الكبير خلال عطلهم ما سيسهم في تحقيق مداخيل هائلة بالعملة الصعبة، فضلا عن القضاء على البطالة من خلال إنعاش السياحة الجنوبية بتشييد المرافق والفنادق والمنتجعات السياحية. وأشار محدثنا إلى العراقيل البيروقراطية التي يواجهها السائح عند قدومه إلى بلادنا متكبدا عناءا كبيرا للحصول على التأشيرة ما لا يخدم السياحة الوطنية بتاتا وهو ما تم رفعه لوزير السياحة السابق عمار غول، مضيفا "الحصول على التأشيرات في 2006 كان أسهل من تلك التي نشهدها في 2016، فعوض عصرنة الأمور نبقى سجناء الممارسات البيروقراطية والإدارية الغير مسؤولة". واعتبر صلاح أن السياحة تمثل بديل المحروقات لتحقيق التنمية، "بإجراء تقريبي فقط ولتبيان مدى أهمية السياحة الصحراوية للمساهمة في التتمية الاقتصادية للبلاد فإن استقبلت ولاية تمنراست 1000 سائح فقط فإن العائدات المحققة يمكن أن تعيل 3 آلاف عائلة جزائرية وتحقيق دخل في حدود 15 مليون دينار". كما أن الجزائر تضيع الملايير كل سنة من خلال 2 مليون سائح جزائري الذين يغادرون البلاد لقضاء عطلتهم في الخارج، فلو تم استثمارها داخل الوطن لتم تحقيق ربح وفير على الخزينة العمومية في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد من تراجع في العائدات من الريع النفطي، فالاستثمار في السياحة ضرورة حتمية اليوم وليس اختيارا. زبدي ل"الفجر": "خروقات بالجملة للوكالات السياحية..وبيع للوهم بأغلى الأثمان" من جهته اتصلنا بمصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك وإرشاده "أبوس"، الذي كشف لنا عن تلقي الجمعية عشرات الشكاوي يوميا وهي في تزايد مستمر منذ بداية موسم الاصطياف نتيجة خروقات ومخالفات وتحايل الوكالات السياحية، فإن كانت في الماضي شكاوى فردية فهي اليوم جماعية، مضيفا "القول بأن أزيد من 1500 وكالة سياحية تعمل اليوم باحترافية وبشفافية أمر لا يمكن تقبله وخال من الصحة، فمنهم من يملك سمعة طيبة نظير نزاهته وآخرون يتلاعبون ويضللون الزبون ويستنزفون أمواله". ومن بين أهم مخالفات الوكالات السياحية التي نتلقاها من المواطنين فهي تخص طبيعة الفندق الذي لا يطابق ما تم الاتفاق عليه من حيث الخدمات المقدمة إذ لا تطابق الصور التي تعرضها الوكالة مع الواقع الذي يصدم به الزبون من تدني في الخدمات ورداءتها، عدد الرحلات المتفق عليها في البلد المضيف، طلب زيادة التسعيرة بحجة أن الخدمات باهضة والتكاليف مرتفعة، نوعية الخدمات المقدمة في المنتجعات والمرافق السياحية، مؤكدا أن هذه الخروقات تتم نتيجة عدم إبرام عقد واضح بين الوكالة والزبون والذي يجب أن يكون نموذجيا ويحوي كل المعلومات والتفاصيل بدقة حتى الوجبات والطعام الذي يتناوله الزبون يجب أن يحتويه العقد المبرم بين الطرفين. دفتر الشروط من سيضمن حقوق الزبائن ويردع تلاعبات الوكالات ومن بين أهم الخروقات التي تهضم حقوق الزبون -يقول زبدي- هو تضييع الوقت في مطارات العبور عند القيام برحلات طويلة على غرار الجزائريين الذي قصدوا ماليزيا هذا العام فقد ضيعوا يوما كاملا في مطار العبور ذهابا وإيابا وهو ما يحتسب في زمن السفرية لا يتمتع خلالهما المسافر مع دفعه لقسط الأجرة كاملة. وقال زبدي أن الجمعية قد تدخلت مرات عديدة لحل مثل هذه المشاكل التي تنشب بين الزبون والوكالات السياحية بشكل ودي، لكن الأدهى أن هذه المخالفات قد أصبحت عادة في الآونة الأخيرة وليست استثناء، مناشدا المواطنين المتضررين إلى جمع أكبر عدد من الصور والدلائل عن مخالفات الوكالات السياحية فضلا عن أكبر عدد من شهادات المتضررين والاحتجاج جماعيا لكشف مثل هذه المممارسات اللامهنية والتلاعبات، داع الزبائن إلى الحذر والتأني عند اختيار المنتوج السياحي. وأكد زبدي على ضرورة إصدار دفتر شروط واضح يضبط نشاطها ويضمن حقوق المستهلكين مضيفا "ملف الوكالات السياحية قد فتحناه ولن نتوانى عن فضح أي شخص أو جهة تتلاعب بحقوق المواطنين، على وزارة السياحة فتح هذا الملف لمعالجته"، مقترحا في ذات الصدد وضع خط أخضر لنتلقي شكاوى المواطنين وانشغالاتهم في هذا الشأن. السياحة الداخلية تحتضر والسبب..وكالات السياحة والأسفار تحكم قبضتها انتقد الأمين العام للفدرالية الوطنية لجمعيات وكالات السياحة والسفر نجاح بوجلولة، العراقيل التي تحول دون تطوير السياحة الداخلية والتي تكمن في غياب ثقافة سياحية وسوء الخدمات التي توفرها الفنادق وكذا غلاء الأسعار، ما جعل وكالات السفر تتجه إلى الترويج للبلدان الغربية وتعمل على تنظيم رحلات من الجزائر إلى الخارج قائلا في ذات الصدد أن انتشار أغلبية الوكالات السياحية التي يفوق عددها 1500 أغلبيتهم في المناطق الشمالية للبلاد، في حين أن وضعية أصحاب وكالات الأسفار بالجنوب الجزائري تشهد - على حد تعبيره - حالة كارثية بسبب غياب الزبائن، موضحا أنه لمدة 4 سنوات لم يستقبل أصحاب الوكالات في الجنوب السياح، وهو ما يستدعي تدخل الحكومة لإيجاد حل لهذا الوضع. الجزائريون يدعمون سياحة تونس في ضل غياب الأوروبيين تصدرت المناطق السياحية التونسية قائمة الوجهات المطلوبة للسياح الجزائريين هذا العام، في الوقت الذي أصبحت فيه تونس تعوّل على الوافدين من الجزائر لإنقاذ سياحتها من الركود والخسائر بسبب انحسار الأسواق الأوروبية التقليدية، وسط توقعات بوصول عدد السياح الجزائريين هذا العام بتونس إلى مليون ونصف سائح. وقد سجلت المعابر الحدودية بين تونسوالجزائر ارتفاعا في مستوى تدفق السياح الجزائريين لقضاء عطلهم السنوية، إذ تعمل السلطات التونسية على تسهيل استقبال 1.5 مليون جزائري حتى نهاية العام مع غياب السياح الأوروبيين بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد. وتعد مدينة الحمامات، طبرقة وسوسة من أهم الوجهات للسياح الجزائريين، إذ أن قربها من الحدود جعلها محطة يعبر منها وإليها نحو أربعة آلاف سائح جزائري يوميا. وزاد اهتمام الحكومة التونسية باستقطاب السياح الجزائريين في ظل الأزمة التي يعيشها القطاع السياحي الذي يعد رافدا رئيسيا للاقتصاد. وشهد الاقتصاد التونسي تدهورا ملحوظا عام 2015 من جراء هذه الأزمة، إذ بلغ معدل نموه 0.8 بالمائة فقط في حين بلغ معدل البطالة 15 بالمائة. وحسب إحصائيات رسمية صادرة من وزارة السياحة، ارتفع توافد السياح الجزائريين القاصدين تونس خلال 10 أيام الأولى من شهر جويلية بنسبة تقارب 45 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، لكن هذه النسبة مرّشحة للارتفاع حسب رضوان بن صالح رئيس الجامعة التونسية للنزل، مشيرا إلى أنه ينتظر أن يصل عدد الجزائريين إلى أكثر من مليون ونصف بعد أن قدرت أعدادهم في العام الماضي بمليون و350 ألف.