لا تزال المعارضة تواصل سياسة التوصيف وانتقاد السلطة دون أن تقدم حلولا عملية، حيث خرج اجتماعها الأخير بالتوافق بشأن ترك الحرية لكل حزب فيما يتعلق بالمشاركة في التشريعيات من عدمها، واكتفت بإعداد مذكرة حول تراجع المكتسبات الديمقراطية في البلاد. قررت هيئة التشاور والمتابعة في اختتام اجتماعها، الإعلان عن مذكرة حول تراجع المكتسبات الديمقراطية في الجزائر، حيث وصفت الوضعية السياسية العامة بالتنكر الخطير متعدد المجالات والذي يخص حرية التعبير وحرية الرأي، وتعرض مواطنين للاستنطاق في أماكن سرية بسبب نشرهم لتصريحات عبر وسائل سمعية بصرية، مشيرة إلى أن عنف النظام لم يتوقف عند عالم الثقافة والصحافة فقط بل امتد إلى المدافعين عن حقوق الإنسان ومناضلي أحزاب سياسية ونقابيين وضباط سامين متقاعدين، وحتى المحامون يتابعون قضائيا أثناء تأدية مهامهم، حيث تتعرض وسائل إعلام مستقلة لضغوطات كبيرة بسبب خطها الافتتاحي وتصل هذه الضغوطات إلى حد الغلق التعسفي لقنوات تلفزيونية ولجرائد والتجريم والحكم على مديري وسائل إعلام وصحفيين بالسجن لمعاقبتهم على عدم الرضوخ وعدم الولاء وعدم التلوث. وأبرزت المذكرة أن ممارسة الحق في التجمع والتظاهر يبقى مقيدا، حيث تقمع المظاهرات السلمية بصفة آلية ويتعرض المتظاهرون للاستنطاق وتلجأ السلطات، أكثر فأكثر، للمتابعات القضائية ضد المتظاهرين السلميين المتابعين بتهمة ”التجمهر غير المسلح”، والحكم عليهم بالسجن مما يجعل منهم ”سجناء رأي”، موضحة أن بقاء المنع للمسيرات والتجمعات والوقفات حولت عاصمة البلد إلى منطقة محرمة على كل نشاط تعبيري جماعي سلمي. وانتقدت المعارضة بشدة جهاز القضاء، وقالت إن ”في بلدنا لا وجود لسلطة قضائية بل جهاز قضائي في خدمة الزمر، كما لا وجود لسلطة تشريعية بل غرف تسجيل، ولا وجود لفصل بين السلطات بل وصاية غير مقبولة للسلطة السياسية على العدالة والبرلمان، مما يصادر السيادة الوطنية ويفرض حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن على المواطنين”. وفي سياق آخر أكد المجتمعون أن إرادة السلطة في التراجع عن مبدأ التعددية السياسية من خلال الاعتماد الذي يمنح للأحزاب التي تقدم ضمانات الولاء للسلطة القائمة، بهدف تشويه الساحة السياسية ومواجهة نشاطات أحزاب المعارضة، موضحين أن السلطة القائمة تتجنب تنظيم انتخابات نزيهة ونظيفة وترفض المسار الديمقراطي السليم، وفي المقابل تدع الشعب والأحزاب السياسية للمشاركة فيها بدون ضمانات مقنعة وصادقة وتسيرها وفق قاعدة ”الكوطات”. بالمقابل، عرجت المعارضة للحديث عن النظام الانتخابي الجديد الذي قالت إنه يعرض التعددية السياسية إلى تقهقر خطير، ويؤجل تحقيق بناء مؤسسات شرعية وممثلة حقا والتي يستدعيها بناء دولة القانون، محذرة من استراتيجية تهدف إلى إضعاف المعارضة الديمقراطية وإعادة تشكيل المشهد السياسي لتحقيق أهدافه. وختمت المعارضة بأن السلطة التي تبقى للأسف صماء عن كل نداءات المعارضة لمباشرة الحوار من أجل مخرج سياسي سلمي من الأزمة، تتحمل المسؤولية الكاملة عن الوضعية الحالية وعن كل انزلاقات محتملة أو ناتجة عن صممها.