تباينت آراء الإعلاميين ونظرتهم إلى مستقبل حرية الإعلام في الجزائر في ضوء العهدة الرابعة.. ففي الوقت الذي وجد فيه البعض أن السلطة الرابعة تعيش أسوأ فتراتها، حيث تم تشديد الخناق على الحريات وعانى الصحافيون من القمع وتمت مصادرة حقهم في التعبير وإغلاق قنوات تلفزيونية، وهو ما لم تشهده الجزائر من قبل حتى خلال العشرية السوداء ليختلف معهم آخرون يرون أن حرية الصحافة تمضي قدما في ظل قانون الإعلام الجديد. أكد وزير الاتصال الأسبق، عبد العزيز رحابي، أن حرية التعبير شهدت تراجعا محسوسا، خلال فترة حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، ومن المنتظر أن يزداد التشديد والخناق عليها خلال الفترة المقبلة، فقبل مجيء الرئيس بوتفليقة وفي عز الأزمة التي عصفت بالبلاد (العشرية السوداء) كان التلفزيون العمومي مفتوحا أمام جميع الأطياف السياسية حتى المعارضة، مضيفا بأن حرية التعبير في تلك الفترة قد مضت قدما عندما أصدر الرئيس السابق اليمين زروال قرارا يقضي بإلغاء احتكار الدولة للإشهار المؤسساتي وصادق عليه البرلمان في فبراير 1999 إلا أن القرار تم تجميده مباشرة بعد وصول الرئيس الحالي إلى سدة الحكم وذلك في ديسمبر من نفس السنة. وأردف رحابي قائلا: "الجزائر تراجعت أيضا من ناحية القوانين الخاصة بالإعلام، فليس هناك قانون خاص يضبط هذا الفضاء، وحتى فتح المجال السمعي البصري والقنوات الفضائية الخاصة هو من تداعيات الربيع العربي وقد تم فتح المجال أمامها بعد أن ظل المشروع يراوح مكانه وحبيس الأدراج لأزيد من 14 عاما. واعتبر المتحدث مشكلة وسائل الإعلام المحلية تكمن في غياب الإرادة السياسية، حيث يخشى المسؤولون مواجهة ملفات الفساد الثقيلة والنقد لغياب الشفافية في تسيير الدولة، موضحا أن التلفزيون العمومي خسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة معركة المصداقية بانحيازه، واصفا مستقبل حرية الصحافة بالمعتم، وهو ما يبرر احتلالنا للمرتبة 129 عالميا. وهي مرتبة جد متدنية مقارنة بدول الجوار ودول إفريقية أخرى. من جهته، بدا الكاتب الصحفي علي جري، غير متفائل بمستقبل حرية التعبير في ظل بقاء الرئيس بوتفليقة في الحكم، محملا ازدواجية خطاب حرية التعبير عند السلطة مسؤولية ما يحدث. فالسلطة، إلى يومنا هذا، لا تتقبل وجود سلطة رابعة أخرى منافسة لها. واستطرد جري قائلا: "لا توجد حرية صحافة بدون استقلالية العدالة فالعلاقة بينهما متكاملة"، معربا عن أسفه لعدم وصول السلطة الرابعة في الجزائر إلى المستوى المطلوب نظرا إلى غياب السلطات الثلاث والتي لا تؤدي دورها كما ينبغي مع غياب آليات الديمقراطية، مضيفا أن العهدة السابقة شهدت الكثير من التضييق على حرية التعبير كسجن الرسام الكاريكاتوري المعارض، وغلق قناة الأطلس وغيرها من الأحداث المشابهة، فالسلطة أوصدت الأبواب أمام الصحافة الاحترافية والمهنية وجعلت من وسائل الإعلام مرادفا ل "الولاء"، فالصحافة الناقدة أصبحت بمثابة عدو يجب القضاء عليه وترويضه. واستند المتحدث في تصريحاته لما عرفته الصحافة من حرية في العشرية السوداء وما شهدته من تشريعات قانونية كانت أفضل مقارنة بالتشريعات الحالية، معتبرا تبني وزارة الاتصال لمشروع البطاقة المهنية إهانة حقيقية لرجال الإعلام لكونهم سلطة قائمة بحد ذاتها. في حين أعرب الكاتب الصحفي والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني ونائب رئيس المجلس الشعبي الوطني سابقا المكلف بالإعلام والثقافة، محمد بوعزارة، عن تفاؤله بمستقبل حرية التعبير في الجزائر مع وجود أزيد من 150 صحيفة وطنية والعديد من القنوات الفضائية، مواصلا بأن حرية الإعلام لا تمنح بل على وسائل الإعلام افتكاكها بالموضوعية وبالالتزام بالأخلاق والأهداف المنوطة بها، مفيدا أنه لا يمكن حصر حرية الصحافة في عهدة من العهدات بل هي نتاج سلسلة من النضالات خاضها رجال المهنة حول العالم وفي الجزائر أيضا، مشيرا إلى أن قانون الإعلام الصادر في جانفي 2012 منح حرية الصحافة دفعة جديدة على ضوء احترام الدستور، ودعا بوعزارة الصحافيين إلى التعاون والتلاحم فيما بينهم حتى يرى الاتحاد الوطني للصحافيين النور مع إنشاء مجلس لأخلاقيات المهنة.