تلعب مسرحية ”إليكترا” المعروضة في المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته ال11 على ثنائية الحب والانتقام، حب الاب والانتقام من الأم، وهي الحالة النفسية التي تطرق لها عالم النفس سيجموند فرويد وأطلق عليها اسم ”عقدة إيليكترا”. انطلاقا من مأساة عائلية، يرصد لنا المخرج أحمد خودي الحالة النفسية ل”إليكترا” وتعلقها بأبيها وكرهها الشديد لأمها التي تواطأت مع عشيقها من أجل قتل زوجها ”آغاميمنون”، لتبحث ”إليكترا” عن طريقة للانتقام من أمها وعشيقها ”إجيست” الذي استولى على الحكم. ”إليكترا” طراجيديا يونانية للكاتب سوفوكليس، ترجمت للعديد من الأعمال المسرحية، جسدها ركحيا المخرج أحمد خودي، ومجموعة من الممثلين: ياسمينة فرياك، أمينة فرياك، أمينة بوزيان بالحاج، عنتر زايدي، نور الدين كحيل، سيلين سحراوي، رمزي عشور ويونس جواني، وسينوغرافيا موسى نون، وعرضت في إطار المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف. الكفاح، الصراع، التحدي، الأمل، يختزلها العرض في شخص ”إيليكترا” الباحثة عن مجد جديد، يمر عبر الثأر من أمها، تعيش دوامة نفسية ملية بالانفعالات، تبكي على أبيها وناقمة على الوضع الذي تعيشه، ألم نابع من مرارة ما تمر به، ألم لرحيل أب تعلقت به ومصير أخ مجهول، وسط كل هذا بصيص أمل لعودة أخيها الذي أرسلته صغيرا إلى بلاد بعيدة حتى يعود مجددا وينتقم لأبيه ويستعيد الحكم من جديد. يطفو إلى السطح صراع ”إليكترا” وأمها، هذه الأخيرة تعلق حجة قتلها لزوجها على شماعة الانتقام لكونه ضحى بابنته ما دفعها للثأر منه، ولكن لا تقتنع ”إليكترا” بهذه الحجة وتبقى تنتظر عوده المنقذ، فيأتي رسول يحمل علبة ما تبقى من رماد أوريست، وهنا عقدة المسرحية، تعتقد ”إليكترا” أن أخيها مات، ولكن يتضح أنها مجرد حيلة للإطاحة بأمها وعشيقها، وما حامل العلبة إلا أخوها الذي يثأر لها ولأبيها وتسترجع العدالة مجدها. خصوصية العرض تكمن في الأداء اللافت للمثلة ياسمينة فرياك التي استطاعت أن تشد الجمهور بحضورها المكتمل، حيث تقول عن دورها أن الأمر في الأول كان صعبا بعض الشيء، لأن الطراجيديا مبنية على الدور النفسي للمثل، مجموعة من الصراعات الداخلية والخارجية، الصراع النفسي، التألم الداخلي، لذلك يحتاج العمل إلى حضور ذهني كبير وإدارة ممثل جيدة، وهو ما وفق فيه المخرج أحمد خودي الذي عرف كيف يوجه الممثلين، وسهل عليها الأمر. وعن النص قالت فرياك أن فريق المسرحية اشتغل على النص لمدة طويلة: ”قمنا بتحليل النص، ثم التقطيع الذي يجب أن يكون صحيحا حتى لا نقع في فخ الإلقاء وفقط، بعدها جاء تقمص الشخصيات، ووجب علينا أن نكون صادقين ونحب الشخصية ونعيش الدور حتى نعطي أكثر على الخشبة، ولا أخفي أنني في الأول كنت خائفة، لكن توجيهات المخرج ساعدتني، ونقلت الإحساس الصادق للجمهور، في حين يحس المتلقي بصدق الفنان فأكيد سيبقى معلقا معه حتى نهاية العرض”.