أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الجمعة، عن إرجاء محادثات السلام بشأن النزاع في سوريا والمقررة في جنيف في الثامن من فبراير تحت إشراف الأممالمتحدة إلى نهاية الشهر. وجاء الإعلان خلال لقاء وزير الخارجية الروسي وفود المعارضة السورية في موسكو، بعد محادثات أستانا التي انتهت الثلاثاء وشاركت فيها للمرة الأولى الحكومة السورية وفصائل من المعارضة المسلحة. وأعرب الوزير الروسي عن أمل بلاده بألا تقوم الأممالمتحدة بتأخير موعد عقد المفاوضات بشأن سوريا مجدداً. وأشار إلى أن الأعمال العسكرية في سوريا متوقفة في الوقت الحالي ولا توجد ذرائع لعدم الجلوس إلى طاولة الحوار. كما أعرب وزير الخارجية الروسي عن ثقة بلاده من أن المفاوضات السورية يجب أن تركز على مسائل محددة بينها العمل على صياغة الدستور. لافتا إلى أنه إنه من غير الصحيح مقارنة المشروع الروسي للدستور السوري بالدستور الذي أعدته الولاياتالمتحدة للعراق مشيرا إلى أن الحديث يدور عن مقترح تم تسليمه للأطراف السورية دون محاولة فرضه عليهم. وقال الوزير: ”قبل أيام قال أحد المعارضين إن الدستور يجب أن يكتبه السوريون بأنفسهم، وقد قارن هذا المشروع بالدستور الذي فرضه حاكم إدارة الاحتلال الأمريكية بول بريمر على العراق”. وتابع لافروف: ”إنه موقف خاطئ جدا، لأن الحديث في العراق كان يجري عن محتلين صاغوا الدستور، وقد تم فرضه على الشعب العراقي”. وكان مسؤولون في الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف السوري المعارض قد رفضوا دعوات تلقوها للقاء لافروف، الجمعة، في موسكو، بينما أعلن مسؤول من حزب الاتحاد الكردستاني مشاركة حزبه. ودعت موسكو نحو 25 معارضا سوريا إلى اللقاء مع لافروف، ثمانية أشخاص منهم قدموا إلى الاجتماع صباح الجمعة. ولم تتم دعوة ممثلي المعارضة المسلحة الذين شاركوا في المحادثات مع النظام السوري، يومي الاثنين والثلاثاء، في أستانا إلى اللقاء. وتابع لافروف ”من خبرتنا التي دامت أكثر من خمس سنوات، نحن واثقون من أننا إذا لم نقدم مقترحات ملموسة على طاولة المفاوضات فلن نبدأ أبدا العمل فعليا”. ومضى لافروف يقول ”برأينا أن كل السوريين يجب أن يكونوا على اطلاع على المشروع قبل اللقاء في جنيف”. ومن جهته أعلن الرئيس التركي ”رجب طيب أردوغان” عن نيته في الاجتماع إلى الرئيس الروسي ”فلاديمير بوتين”، والاتصال بالرئيس الأمريكي الجديد ”دونالد ترامب” لمناقشة الوضع السوري، واجتماعات جنيف المزمع عقدها خلال المرحلة القادمة. جاء ذلك في أثناء عودته من جولته التي أجراها إلى عدد من الدول الأفريقية، إذ كشف عن احتمالية إجراء اتصال هاتفي مع ترامب لمناقشة الوضع السوري، قبيل الاجتماع به وجها لوجه. وأعرب أردوغان عن أمله في أن تؤتي اجتماعات آستانا، واجتماعات جنيف المزمع عقدها، أُكلها بأسرع وقت ممكن، موضحا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تلبّ توقعات بلاده فيما يخص ”القضيتين السورية والليبية”.
تحذير روسي وترقب تركي وترحيب قطري من منطقة آمنة في سوريا وفي السياق، رد الكرملين على تصريحات ترامب، بشأن إنشاء مناطق آمنة في سوريا بغياب تنسيق مسبق بين البيت الأبيض والكريملين بشأن الخطوة، داعيا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إلى دراسة ”العواقب المحتملة” لهذا القرار. وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي يوم الخميس: ”لا، لم يتشاور شركاؤنا الأمريكيون معنا. إنه قرار سيادي لهم.. الأمر المهم هو ألا يؤدي ذلك إلى تردي وضع اللاجئين. ويبدو أنه كان من المجدي دراسة كافة العواقب المحتملة”. وأعلن بيسكوف، الجمعة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن يتحدث هاتفيا للمرة الأولى مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب السبت. وعقّبت أنقرة على الموقف الأمريكي الجديد على لسان المتحدث باسم الخارجية التركية ”حسين موفتو أوغلو”: ”تركيا اقترحت المنطقة الآمنة منذ زمن طويل، نتابع الموضوع عن كثب، وسننظر في الأمر بعد أن تتضح معالمه بشكل أكبر”. ولفت موفتو إلى ضرورة رؤية نتائج مساعي ترمب في هذا الصدد. ومن جهتها رحبت قطر، التي تساند المعارضة، بتعليقات ترامب وأكدت على ”ضرورة توفير مناطق آمنة في سوريا وفرض مناطق حظر جوي تضمن سلامة المدنيين”. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن الاربعاء، أن ادارته ستسعى لإنشاء مناطق آمنة في سوريا لحماية اللاجئين الفارين من العنف هناك. ولم يكشف ترامب عن تفاصيل أكثر حول خطته لإنشاء هذه المناطق. ونقلت قناة ”إي بي سي نيوز” الأمريكية انتقادات ترامب لسياسات أسلافه في البيت الأبيض قائلا: ”سأكون رئيسا لدولة آمنة. لدينا ما يكفي من المشاكل. سأقوم بالتأكيد بإنشاء مناطق آمنة للناس في سوريا. أظن أن أوروبا ارتكبت خطأ كبيرا في السماح بوصول الملايين من الناس إلى ألمانيا ودول أخرى، وما على المرء إلا النظر حوله، إنّ كارثة كبيرة تحدث هناك”. ولدى استفساره بشأن ما إذا كانت خطوته ستسبب غضبا عالميا أجاب ترامب قائلا: ”العالم مكان يسوده الغضب. لقد حصلت أمور كثيرة، لقد دخلنا إلى العراق وما كان ينبغي علينا أن نفعل ذلك ولم يكن علينا أن ننسحب بالطريقة التي خرجنا بها. العالم في فوضى. انظر إلى ما يحصل في حلب والموصل والشرق الأوسط. العالم فرّ من هناك ولجأ إلى أوروبا ومناطق أخرى. العالم في فوضى”. وجدد ترامب مواقفه القائلة إن أمريكا كان يجب أن تسيطر على نفط العراق، وأن تخليها عن ذلك ساعد على تقوية تنظيم داعش الذي يمول نفسه من صادرات النفط، ورأى أن إيران قد سيطرت كليا على العراق بسبب التدخل الأمريكي وذلك بعد أن كان لدى العراق القوة العسكرية للتصدي لإيران في السابق. وأبدى ممثلون عن جماعات المعارضة المسلحة تفاؤلا حذرا حيال تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد، وحثوه على الوفاء بتعهده، لكن محللين شككوا في أن يُقدم ترامب على مثل هذه الخطوة لأنها ستجرّها إلى حرب ضروس وتسّرع في انقسام البلاد وتفتح باب الصراع على مصراعيه مع موسكو. وقال مسؤول العلاقات السياسية في ”جيش إدلب الحر”، المقدم فارس البيوش، الذي شارك مؤخرا في مباحثات آستانا: ”تصريحات منذ ست سنوات لم نر منها على الأرض شيئاً. لذلك ننتظر الأفعال أولاً”. ولم تعلق القيادة السورية على تصريحات ترامب، لكن من المؤكد أنها ستعارض الفكرة، مع تعهد الأسد باستعادة السيطرة على سوريا بالكامل. وستعارض إيران التي تساند فصائل مسلحة في سوريا منها حزب الله اللبناني، أيضًا أي تدخل أمريكي. يذكر أنّ إنشاء مناطق آمنة تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية. حيث عارض الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الفكرة التي ستتطلب التزامًا بالدفاع عن مثل هذه المناطق من هجمات للحكومة السورية أو حلفائها الأجانب ومن بينهم روسيا. يذكر أنّ الحرب المستمرة منذ ست سنوات حوّلت سوريا إلى مناطق نفوذ بعضها يسيطر عليه الجيش العربي السوري، وأخرى تسيطر عليها جماعات المعارضة المسلحة، بينما تسيطر على البعض الآخر فصائل كردية مسلحة أو تنظيم ”داعش” الإرهابي.