وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، صباح السبت، في زيارة رسمية، ضمن أول جولة خارجية له منذ تسلمه مهامه في يناير الماضي خلفا للرئيس باراك أوباما، والتي تدوم ثمانية أيام، وتشمل ست محطات. وأقلت طائرة ”إير فورس وان”، إلى جانب ترامب وزوجته ميلانيا، ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر. وبحسب الموقع الرسمي للقمة السعودية الأمريكية، عقد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد وولي ولي العهد اجتماعات ثنائية مع ترامب ركّزت على تمتين ”الصداقة العريقة وتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية الوثيقة بين البلدين”. ومن المنتظر أن يشارك الرئيس الأمريكي في تدشين مركز جديد لمكافحة التطرف في الرياض، بحسب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، اتش آر مكماستر. كما سيحضر ترامب ملتقى مغردون 2017 الذي تنظمه مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ”مسك الخيرية” الذي يتناول كيفية تفعيل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في محاربة التطرّف والإرهاب. وسيتحدث ترامب في الملتقى، إضافةً إلى عددٍ من القادة والمسؤولين من مختلف انحاء العالم بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما سيتناول متحدثون آخرون تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الأديان، وشأن المرأة، والتعصب الرياضي. وأولت السلطات السعودية أهمية بالغة لهذه الزيارة بالنظر للاستعدادات التي جرت بهذا الخصوص. وقال ترامب في تغريدة على حسابه بتويتر إنه سيحمي المصالح الأمريكية بقوة خلال هذه الجولة. ولفتت مصادر دبلوماسية إلى أن نشاط ترامب في السعوديّة سينحصر في ثلاث قمم، وهي: قمة أمريكيّة - سعودية، وقمة أمريكيّة - خليجية، وقمة أمريكيّة إسلامية - عربيّة. وتوقعت المصادر أن يعلن ترامب خلال القمة الأمريكيّة - السعودية عن أضخم صفقة سلاح مع السعودية، في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية قدرها مسؤولون أمريكيون ب110 مليار دولار. كما ستتناول المحادثات وبحسب المصادر، الوضع في اليمن، حيث ترى واشنطن أن الحل العسكري في هذا النزاع بات أمرًا معقدًا وأن ترامب سيسعى لمعرفة توجهات ومطالب الرياض للعمل على حل الأزمة سياسيا، أما في القمة الأمريكية - الإسلامية – العربية، فتوقعت المصادر أن يبحث ترامب الوضع في سورية وليبيا وأن يطرح على المجتمعين فكرة تشكيل جبهة عسكرية ”ناتو عربي”، يضم السعودية والإمارات ومصر والأردن، دون أن تشارك فيه الولاياتالمتحدة، لمحاربة الإرهاب ومراقبة النشاط الإيراني في المنطقة. ويرى خبراء أنّ إنشاء الحلف من شأنه خلق فرص عمل في الولاياتالمتحدة وتعزيز عمل شركات الأسلحة التي ستتولى تأمين متطلباته وعتاده اللازم. يذكر أن فكرة إنشاء ”ناتو عربي” ترجع إلى العام 2015، لكن الخلافات الإقليمية حالت دون تجسيدها. علاقات عكر صفوها الإرهاب وطهران وعززها النفط والسلاح ويرجع تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية إلى أواخر ثلاثينات القرن الماضي. وجعل اكتشاف النفط من الرياض حليفا حيويا لواشنطن المتعطشة لمصادر للطاقة. وتعد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الخليج العربي اقتصادية بحتة، إذ يقع 54 بالمئة من احتياطي النفط في العالم، و40 بالمئة من احتياطي الغاز الطبيعي في منطقة الخليج. وتأسست الشراكة رسميا بين الطرفين في فبراير 1945 قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، على متن الطراد ”يو اس اس كوينسي” حينما كان الملك عبد العزيز بن سعود والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يلتقيان سرا في البحيرات المرة في مصر، حيث وقعا اتفاقية تتعهد فيها الولاياتالمتحدة بحماية المملكة مقابل نفطها والدعم السياسي. وأعلن الرئيس جيمي كارتر عام 1980، ”أن أية محاولة من قوة خارجية للسيطرة على الخليج العربي هي بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وستتم مواجهة هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية”. وإثر الغزو العراقي للكويت في 2 أوت 1990، أمر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب بشن عملية ”عاصفة الصحراء” لصد الهجوم وأرسل 400.000 جندي لإخراج صدام من الكويت. وشارك جورج الابن السعوديين بخطته لغزو العراق. واتخذت القوات الأمريكية من قواعد المملكة منطلقا لعملياتها العسكرية. وشهدت العلاقات السعودية الأمريكية انتكاسات، كان أبرزها تلك التي تلت هجمات 11 سبتمبر 2001، التي ذهب ضحيتها نحو 3 آلاف شخص، عندما أظهرت التحقيقات أنّ 15 من منفذي الهجمات ال19 سعوديون. وفي العام 2014، انضمت الطائرات السعودية إلى أسراب التحالف الدولي لمحاربة ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في سورياوالعراق. ورغم دعم واشنطن للحملة التي تقودها السعودية على اليمن، منذ مارس 2015، بتزويدها بمعلومات استخباراتية إلا أنها تخشى من نتائجها. وكانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما جمدت في ديسمبر الماضي شحنات من القذائف الذكية على خلفية تسبب التحالف بمقتل مدنيين في اليمن. كما عرفت العلاقات الأمريكية السعودية امتحانا صعبا بسبب الاتفاق النووي الموقع مع إيران نهاية جوان 2015، وفتحت قمة كامب ديفيد الباب أمام تكهنات في تراجع العلاقات، بعد قرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عدم حضور القمة التي حضرها أميرا قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح. وبلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى السعودية في 2016 نحو 18 مليار دولار، بينما بلغت قيمة وارداتها منها نحو 17 مليار دولار. وتعتبر الولاياتالمتحدة أكبر مصدر سلاح للمملكة. التواصل مع أتباع الديانات السماوية الثلاث وبعد زيارته السعودية، سيغادر ترامب إلى الأراضي المحتلة ثم إلى الفاتيكان وبلجيكا للقاء أعضاء حلف الناتو، ومن ثمّ إلى إيطاليا لحضور قمة دول مجموعة السبع في صقلية. وفي الأراضي المحتلة، يأمل ترامب في إعادة بعث عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، اتش آر مكماستر، بهذا الخصوص، إنّ ترامب يريد أن يتواصل مع أتباع الديانات السماوية الثلاث خلال زيارته. وينتظر أن يصل ترامب إلى الأراضي المحتلة اليوم للقاء نتنياهو والرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، على أن يلتقي الثلاثاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم. وفي السياق قال الرئيس الأمريكي في مقابلة مع صحيفة ”إسرائيل اليوم” الإسرائيلية نشرت الجمعة، إنه يؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. مضيفا: ”لدينا الأشخاص المناسبين الذين يعملون على هذا الأمر، ديفيد فريدمان (السفير الأمريكي في إسرائيل) وجيسون غرينبلات (مبعوث الرئيس الأمريكي للاتفاقيات الدولية)”. ورفض ترامب الإجابة عما إذا كان سيطلب من كيان الاحتلال تقييد نشاطه الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وقال: ”لا أريد أن أتطرق إلى هذا الأمر، باستثناء القول أعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق”. كما رفض الإجابة عما إذا كان سيأمر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وقال: ”هناك الكثير من الأمور المهمة التي نعمل عليها، سنتحدث عنها لاحقا”، دون ذكر تفاصيل. وكانت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية توقفت في شهر أفريل 2014 بعد رفض كيان الاحتلال وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والإفراج عن معتقلين قدامى من السجون الإسرائيلية.