تظهر أولى ملامح برنامج الحكومة الجديدة برئاسة الوزير الأول عبد المجيد تبون الاستمرار في الحفاظ على السلم الاجتماعي، رغم وضع الخطوط العريضة لوزيري المالية والتجارة بتقليص فاتورة الواردات عن طريق تعليمات أولية تعكس التوجهات التقشفية على المدى القريب. وضعت حكومة تبون أولوية الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن مع تقليص الواردات إلى جانب أولوية ملف السكن، وفق تصريح الوزير الأول الذي خاطب وزير التجارة الجديد أحمد ساسي، بقوله إن ”مهمتك هي الحفاظ على الاقتصاد والإنتاج الوطني من خلال الحد من استيراد المواد التي يتم إنتاجها وطنيا دون خلق ندرة أو خلل في السوق الوطنية أو الإخلال باتفاقيات وتعهدات الجزائر الدولية”. وتعكس تصريحات الوزير الأول الحفاظ على الخطوط العريضة للتوجه الحكومي القاضي بالإبقاء على دعم المواد الغذائية الرئيسية التي تحمي الجبهة الاجتماعية من تكرار سيناريو احتجاجات الزيت والسكر عام 2011 خاصة وأن حراكا احتجاجيا مستمرا طيلة الأشهر الأخيرة، يقوده ما يعرف بالتكتل النقابي المستقل، للتعبير عن رفضه لقانون التقاعد والعمل والدفاع عن القدرة الشرائية للعمال، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة بدعوى الحفاظ على التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية المهددة بالإفلاس. ولكن أمام تدني أسعار النفط إلى ما دون 55 دولارا للبرميل الواحد فإن الحكومة ستكون مضطرة إلى التراجع عن تعهداتها بخصوص إنجاز بعض المشاريع الحيوية بالموازاة مع الشروع في سياسة تقليص الواردات التي بلغت 60 مليار دولار خلال السنتين الماضيتين من خلال إدراج نظام رخص الاستيراد لتصل إلى حدود 46 مليار دولار. ويقول الوزير الأول أنه يهدف إلى خفض هذه الفاتورة بحوالي 10 مليارات أخرى هذه السنة، لاسيما من خلال التقليل من استيراد الكماليات بحوالي 6 أو 7 مليارات. وقال في هذا الخصوص ”يجب أن تكون هناك إجراءات حتى نتخلى عن الكماليات. لن نستورد الكماليات لنقوم بعد ذلك بالاستدانة لأن هذا الأمر لا يقبله لا المنطق ولا السيادة الوطنية لا ينبغي أن نقع في فخ استيراد الكماليات في حين لدينا حاجيات مالية في قطاعات حساسة واستراتيجية أخرى”، مشيرا في الوقت ذاته إلى ”عدد المستوردين والمواد المستوردة الذي لا يوجد في بلد آخر”، على حد تعبيره. واستدل الوزير الأول بفاتورة الهواتف النقالة التي فاقت 600 مليون دولار في 2016 حيث ستدرج هي الأخرى في قائمة المنتجات المعنية برخص الاستيراد. كما تؤكد مذكرة التوجيه المتعلقة بتحضير المشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2018، الاستمرار في نسق التقشف عن طريق جملة من الإجراءات التي ستركز على تقليص نفقات الدولة، وتخفيض المخصصات المالية في مجال التجهيز.