مثلما زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ أيام أتباعه في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، حيث أعطى تعليمات وأوامر وأعلن عن ناتو عربي جديد من هناك بهدف الحرب على الإرهاب، يبدو أن ضحيته الأولى هي إمارة قطر، سيزور الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون مستعمرات بلاده السابقة في شمال إفريقيا. وكأن القوى الكبرى اليوم تتسابق على تعيين حدود تأثيرها ومناطق نفوذها، حتى لا يخطئ أحدها ويدوس على مجال الآخر، في هذه المرحلة التي تشهد تحولات وإعادة رسم لخريطة الشرق الأوسط الجديد، حدود ترسم بحبر الدم العربي وبنشر الأحقاد والطائفية، وتخفي تحتها حدود المصالح والمكاسب، وإن كانت مكاسب ترامب قد اتضحت، وعاد بأكياس الدولارات مملوءة إلى بلاده وبوعود المزيد والمزيد من الوظائف والمكاسب، حتى يسكت أعداءه والمتربصين به في أمريكا، ويقدم إلى إسرائيل أكبر خدمة بفتح أراضي الخليج وثرواته وأجوائه أمام سفاراتها وشركاتها وطيرانها الذي عانى عقودا من التضييق والاختناق. وها هو الصهيوني ليبرمان يغرد فرحا بالانتصار ”قريبا ستفتح لنا سفارات في جميع الدول العربية وسنتبادل رحلات طيران مباشرة معها”. لكن ماذا ستحمل زيارة ماكرون لنا أو منا؟ ماكرون تحدث نهاية الأسبوع الماضي مع رئيسنا، وطمأنه حتى لا يغضب لأنه سيزور المغرب أولا، بأنه سيزور الجزائر قريبا، ربما حتى لا يغضب أصدقاؤه هنا وهم من دعموا ترشيحه وفوزه واستقبلوه استقبال الرؤساء قبل الانتخابات. ومثل كل الرؤساء والزعماء الغربيين، يتجه ماكرون إلى الرباط أولا، عملا بتقاليد أسلافه شيراك وساركوزي وميتيران من قبل، يتشاور مع الملك الشاب الذي تركه والده في عهدة فرنسا لتحميه من الجارة اللئيمة الجزائر، ولتستمر الحماية وما تكسبه من ورائها من مصالح ومساومات على الجزائر، تستمر السياسة الفرنسية في إذكاء الأحقاد بين بلدينا. سيسجل ماكرون طلبات الملك، ويحول الطلبات إلى أوامر ليجني منها ما يجني من مكاسب. طبعا سنمني النفس أننا سنفتح مع فرنسا صفحة جديدة، مثل كل الصفحات التي فتحناها مع من سبقه من الرؤساء، وتمتلئ صفحاتهم بالإنجازات وتبقى صفحاتنا فارغة صفراء بالية يلهو بها الهواء والأهواء. سيزورنا ماكرون، وسيتحدث إلى رئيسنا الذي سيظهر حتما عند استقباله، وستفعل التغريدات فعلتها فينا...