في مبادرة هي الأولى من نوعها، يفتح المسرح الوطني الجزائري ”محي الدين بشطارزي”، أبوابه خلال شهر أوت، مسطّرا برنامجا مسرحيا يمتدُّ من يوم الأربعاء 2 أوت بإعادة عرض مسرحية ”صفية” التي أنتجها المسرح الوطني الجزائري وكتب نصها وأخرجها للركح إبراهيم شرقي، وهي المسرحية التي حقّقت نجاحا لافتا لدى الجمهور، لأنّها مستوحاة من الواقع الجزائري، حيث تدور أحداث هذا العمل المسرحي حول موضوع المرأة والعودة والموت من خلال سرد قصة حب تدور أطوارها بين بطل المسرحية ”لمجد” و”منانة”، ثم ما تكاد الأحداث تتطور حتى يدخل العشيقان في متاهة من العذاب والغدر. يتضمن برنامج شهر أوت المسرحي مسرحية ”الوحل” التي أنتجتها فرقة ”ملائكة الخشبة” من وهران، وهي من نص محمد بلكروي وإخراج يوسف قواسمي، إضافة إلى ”حب في خدعة” و”العسل المر” وهما من نص العربي مفلاح وإخراج قادة شلابي وإنتاج تعاونيتي ”العثمانية” و”فن بلادي” من وهران. ومن العروض المسرحية الجديدة عرض أنتجه المسرح الجهوي بالعلمة بولاية سطيف وهي من تأليف محمد عدلان بخوش وموسيقى عبد القادر صوفي، أما السينوغرافيا فهي من إنجاز حمزة جاب الله، في حين أخرجها للمسرح فوزي بن براهيم. ويروي هذا العمل الجديد حكاية الشابة رفيقة التي تجد نفسها، بعد أن فقدت كل لذة تمتع بالحياة وكل أمل في الموروثات والجدران الاجتماعية،على يقين أن سلامها الروحي لن يكون إلا بوضع حد لحياتها وشرعت فعلا في المحاولة، إلا أنها فشلت لتستيقظ في عالم جديد-قديم مليء بمشاعر وحالات مألوفة - غريبة لتفهم أنّ انتحارها البيولوجي لم يكن غير نتيجة لمئات انتحارات نفسية واجتماعية سابقة، وأنها لن تستحق الحياة الا بالتمرد على الخضوع لقواعد واهية وخرافات تراثية فتقبل من جديد على استطعام الحياة لكنها تصطدم برأي آخر للطبيعة قد يحرمها من فرصة ثانية. قصة رفيقة ليست سوى حفر في النفسية الجزائرية الحديثة المليئة بالثقوب والعقد التاريخية والاجتماعية. ويختتم المسرح الوطني الجزائري برنامجه بمسرحية ”الإسكافية” المقتبسة عن نص فريديريكو غارسيا لوكا وإخراج عيسى جكاتي، أما الإنتاج فيعود إلى المسرح الجهوي لولاية سكيكدة. ولا تُخفي إدارة المسرح الوطني أنّ هذه المبادرة التي أقدم عليها ركح محي الدين بشطارزي بتنظيم عروض خلال شهر أوت قد لا تلقى الإقبال المطلوب من طرف الجمهور، لأنّ الجزائريين يُفضلون التوجُّه إلى الشواطئ للاستجمام، خاصة في ظل الأرقام القياسية التي سجلتها الحرارة في الأيام الأخيرة، ولأنّ متابعة العروض المسرحية داخل قاعة عرض مغلقة ليس بالأمر السهل في مثل هذه الظروف. ولأنّها التجربة الأولى التي تُقدم عليها إدارة المسرح الوطني منذ سنوات، فإنّ عروض شهر أوت ستكون بمثابة امتحان لمعرفة مدى الإقبال الذي ستعرفه هذه الأيام المسرحية لدى الجمهور الجزائري.