قدم منتصف الأسبوع، بالجزائر العاصمة، العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي ”العمل الإنساني في قلب حرب التحرير الجزائرية” لمخرجه السعيد عولمي، والذي سلط الضوء على الدور الإنساني الذي اضطلعت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر إبان الثورة التحريرية. وبدأ عولمي هذا العمل المنتج من طرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة لمقر اللجنة بجنيف في سويسرا، حيث تحصل على أرشيف وسجلات مهمة حول اللجنة ونشاطها بالجزائر منذ بداياته في فيفري 1955، والذي بلغ 10 مهمات إلى غاية الاستقلال عام 1962، حيث تفقد 586 مركز اعتقال في فترة تميزت بوحشية كبيرة في قمع المدنيين العزل من طرف جيش الاحتلال الفرنسي. وحمل العمل أيضا شهادات للعديد من الأعضاء القدامى للجنة الذين عملوا في مختلف مناطق البلاد وأيضا بفرنسا، حيث ساعدوا الكثيرين في معتقلات وسجون الاستعمار الفرنسي، وكذا بمخيمات اللجوء في تونس والمغرب أبرزهم بيير غايارمندوبها بالجزائر الذي قاد أغلب نشاطها وكذا مؤرخها فرانسوا بونيون. كما أعطى الفيلم الكلمة لعدد من السجناء الجزائريين الذين عايشوا تلك الحقبة ووقفوا على ما وصفوه بالدور ”الإيجابي” الذي لعبته اللجنة آنذاك في تحسين أحوالهم المزرية، كما جاء في شهادات عيسى زدام السجين السابق بمعتقل ”قصر الطير” بسطيف ومسعود شليق الذي كان محبوسا بسجن ”لامبيز” بباتنة. وقدم المخرج، شهادات أخرى لعدد من السياسيين الجزائريين في جبهة التحرير الوطني الذين كانوا على اتصال مع اللجنة، وخصوصا فيما يتعلق بأمور السجناء الجزائريين منذ العام 1955 وإلى غاية إطلاق سراح ”مسجونين جزائريين وفرنسيين” بعد إعلان وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، لافتا في هذا الإطار إلى تأسيس الجبهة للهلال الأحمر الجزائري في 1956 وانضمامها لاتفاقيات جنيف في 1960 بعد تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. وفي إطار الشهادات المقدمة أيضا أثنى كل من المجاهد الراحل ورئيس الحكومة الأسبق رضا مالك وكذا وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي الذي شغل أيضا منصب رئيس المجلس الدستوري وقاض بمحكمة العدل الدولية بلاهاي، على الدور الذي اضطلعت به اللجنة منذ بدايات نشاطها في الجزائر في سبيل ”كرامة” و”حرية” الإنسان. ويأتي هذا الوثائقي، الذي استغرق 42 دقيقة وحضر عرضه كاثرين جندر لوغوف، رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالجزائر، وعبد المجيد شيخي المدير العام للأرشيف الوطني- في إطار الاحتفال بمرور 40 عاما على اعتماد البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف -اللذين لعبت الثورة الجزائرية دورا بارزا في تبنيهما- وكذا مرور 57 عاما على انضمام الجزائر لاتفاقيات جنيف. وكان السعيد عولمي، هو أيضا مخرج ومعد حصص وبرامج تلفزيونية- قد أنجز عددا من الوثائقيات التاريخية على غرار ”العودة” الذي يتطرق لقضية المنفيين الجزائريين إلى كاليدونيا و”دار الحديث.. فضاء للعلم والعبادة” الذي يروي ذاكرة اول مدرسة جزائرية بنتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.