صوّت نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2018، مع رفض التعديلات التي تقدمت بها المعارضة والمقدر عددها ب 36 تعديلا، ما جعل هذه الأخيرة تصوت ضد المشروع، مع امتناع كتلة جبهة المستقبل، كما أسقطت المادة 12 الخاصة بالضريبة على الثروة التي قالت المعارضة إنها استغلت لأغراض انتخابية فقط. وجرت الجلسة الخاصة بالتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2018، في جو ميزته الانتقادات التي تقدمت بها الأحزاب المعارضة، تعقيبا على رد مقررة لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، التي كانت تقدم في كل مرة تبريرا لرفض اللجنة الاقتراح الخاص بمادة ما. وكانت تعقيبات نواب أصحاب الاقتراح منتقدة للحكومة والمشروع بصفة عامة. وقد اختارت الكتلة البرلمانية لحزب العمال مثلا، باعتبارها أكثر الأحزاب المتقدمة بالاقتراحات، التصويت ب ”لا” على مشروع القانون. وعبر نواب أصحاب الاقتراح عن امتعاضهم الكبير من رفض التعديلات. وقال رمضان تعزيبت إن إسقاط المادة 12 من مشروع القانون التي كانت تنص على فرض ضريبة على الثروة، هو خسارة للخزينة العمومية وتضييع ما يقارب 10 ملايير دج كتحصيلات مالية لصالح الحكومة، مشيرا إلى أن الحكومة أسقطت هذه المادة المهمة من أجل حماية رجال المال والأثرياء الجدد في الجزائر، مفضلة التوجه لجيوب المواطنين لاقتطاع الضريبة من أجورهم. وأضاف تعزيبت ورفقاؤه بالكتلة، كنادية شويتم وجلول جودي، في مداخلات متطابقة داخل القاعة، أن الضريبة على الثروة هي هزيلة وتتراوح ما بين 1 و3 بالمائة فقط، ولكن رغم ذلك الحكومة فضلت عدم إدراجها في القانون وتراجعت عنها في آخر لحظة، متحججة بعدم وجود آليات لإحصائها. وقال نواب نفس التشكيلة السياسية أن ذلك الأمر غير صحيح، على اعتبار أن هناك ”تطبيق الضريبة على الثروة بالكيفية الواردة في المشروع القانون يواجه العديد من الصعوبات، لا سيما ما تعلق بالتصريح بالممتلكات من طرف الأشخاص الخاضعين للضريبة، وبالنظر لوجود ضريبة على الأملاك، التي أنشئت بموجب أحكام قانون المالية لسنة 1993، وبالنظر للصعوبات التي ستواجه إدارة الضرائب على الثروة في الظرف الراهن، نتيجة غياب نظام معلوماتي يسمح بفعالية التحقق من التصريحات ومتابعتها، فإنه يتعين في نظر اللجنة اقتراح حذف المادة 12 من مشروع القانون في انتظار الظروف الملائمة لإدراج مثل هذا التدبير”. كما رفضت اللجنة في جلسة التصويت اقتراح تعديل يدعو إلى إلغاء المادة 50، والتي تتيح للمنتخب إمكانية التنازل على الممتلكات المحلية. وبررت اللجنة رفض التعديل الذي تقدمت به الكتلة البرلمانية لحزب العمال، بأن ”المادة 50 من قانون المالية لسنة 2016، تنص على أنه لا يمكن التنازل عن أملاك الجماعات المحلية إلا بعد المصادقة على المداولات المجالس الشعبية الولائية والبلدية من قبل السلطة الوصية”. وقال رمضان تعزيبت معلقا على الرفض بأن المادة تشكل خطرا على الملكية الجماعية، وتهديدا لها، مستدلا بأن الانتخابات الأخيرة سجل فيها صعود الكثير من المنتخبين من أصحاب المال الوسخ وأن النتائج كانت مزورة، ما يطعن في أهلية المنتخبين وإمكانية استغلالهم لملكية الجماعات المحلية وبيعها في أي وقت، لكن رئيس المجلس الشعبي الوطني، سعيد بوحجة، اعترض على هذا التدخل ليدافع على شفافية الاقتراع ويصفه بالنزيه والقانوني. وعلى العموم انتقدت المعارضة المشروع واعتبرته موجها ضد الفقراء والشعب وفاقد للكثير من الحلول الجذرية للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، كما حملت الحكومة الإخفاقات المسجلة واعتمادها فقط على ريع البترول دون التفكير في حلول جذرية للوضع. وقد أثار المشروع جدلا كبيرا، وهو ما جعل الحكومة تؤجل التصويت عليه إلى ما بعد انتهاء الانتخابات المحلية، خوفا من تأثيره على الناخبين وتسببه في العزوف، وعلى هذا الأساس، احتفظ المشروع بنفس المواد التي وضعتها الحكومة مع رفض جميع التعديلات من جميع التيارات المشكلة لتركيبة المجلس الشعبي الوطني.