ما زال الممثل حسن الحسني، واسمه الحقيقي حسن بن شيخ، بعد ثلاثين سنة من وفاته يكتسح المشهد المسرحي الجزائري، من خلال الحدث الثقافي الكبير المتمثل في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي المقرر تنظيمه ابتداء من اليوم إلى غاية 7 ديسمبر المقبل بالمدية. ولم يختف ظل هذا الفنان الفكاهي الذي أضحك أجيالا كاملة في قاعات العرض، كما يواصل العديد من الفنانين الاستلهام من أسلوبه والأخذ من أعماله الفنية الثرية. ويحتفظ عشاق الفن الرابع ومحبو الفكاهة دائما بصورة هذا الكوميدي الذي نجح في تجسيد صورة القروي الساذج الذي تبناه مهنيا، ما جعله يتمتع بشعبية كبيرة لا مثيل لها. وبتخصيص الطبعة ال 11 للمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي لهذه الشخصية التي ستحمل اسمه، تهدف محافظة المهرجان إلى تكريم ملك الكوميديا بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاته. وقال محافظ المهرجان، سعيد بن زرقة، إن تسمية هذه الطبعة من المهرجان باسمه هي علامة اعتراف ودليل على الإحترام الكبير إزاء هذا الفنان الفكاهي الذي كرس أكثر من أربعين سنة من حياته للمسرح والسينما، وأصبح صديقا وفيا لسكان المناطق الريفية. وبقي هذا الفنان الذي كان صوت القرويين متمسكا بجذوره رغم شهرته ونجاحه، حسب بن زرقة، الذي أشار إلى أن حسن الحسني يعد مصدر إلهام كبير للفنانين الشبان الذين يرغبون في ترك بصمتهم في الساحة الفنية، و”لهذا نلح على تعريف الأجيال الشابة بهذه الفنان الفكاهي بمناسبة ثلاثينية وفاته”. ولد حسن الحسني، الذي أصبح مشهورا باسمه الفني ”بوبڤرة”، في قرية بوغار جنوب شرق المدية في 21 أفريل 1916. بدأ مشواره الدراسي في مسقط رأسه ليتحصل على شهادة التعليم الابتدائي. عمل بعدها حلاقا بقصر البخاري ثم البرواڤية، ثم مسيرا لقاعة سينما ”ركس” بمدينة الاسفودال (البرواڤية) قبل أن يلتحق في سنة 1940 بفرقة محي الدين بشطارزي خلال جولة لها بالمنطقة، حيث تم اكتشاف موهبته وقدراته الفنية التي تستحق التشجيع. وكان ”أحلام حسن” أول عرض مسرحي له سنة 1945، حيث كانت مسرحية ساخرة تشجب الإستعمار، ما أدى به الى سجن بوسيي ثم الى بربروس (سركاجي). وفي سجنه ألف الفنان عدة سكاتشات وعرضهم على المسجونين للرفع من معنوياتهم. ولدى خروجه استقر بالقصبة بالجزائر العاصمة أين زاول لفترة مهنة الحلاقة دون ترك موهبته الأبدية.. المسرح. استحدث حسن الحسني شخصية ”نعينعة” في مسرحية ”الحرية” التي أعاد أداءها في سنة 1950 تحت عنوان ”المؤامرة”، ثم مسرحيته الشهيرة ”تي ڤول اوتي ڤول با”. في سنة 1953 دخل التلفزيون تحت إدارة مصطفى بديع في عرض ”المتابعة”، لينخرط في صفوف جيش التحرير الوطني لدى اندلاع الثورة التحريرية. وعقب الاستقلال التحق بفرقة المسرح الوطني الجزائري، أين تخلى عن شخصية ”نعينعة” ليعوضها بشخصية ”بوبڤرة” التي صنعت كل مجده وشهرته. وبعدها استحدث حسن الحسني الفرقة المسرحية ” الفصول الأربعة ” التي جابت طيلة عشر سنوات كامل مناطق البلاد. ولدى انتخابه نائبا في المجلس الشعبي الوطني سنة 1976 حُلت الفرقة. وبعد تحقيقه عدة نجاحات على خشبة المسرح اتجه حسن الحسني للسينما وأدى عدة أدوار في أفلام، ما دعمه على بلوغ قمة شهرته من بينها ”ريح الاوراس” (1966) و”حسن طيرو” (1968) لمحمد لخضر حمينة، و”زاد” (1969) لكوستا قافراس، و”أحلى الاعترافات” (1971) لايدوارد مولينارو و”رحلة المفتش الطاهر” (1973) لموسى حداد، وغيرها من الأفلام التي عرفت نجاحا كبيرا.. غير أن المرض أرغمه على ترك السينما التي لم يعد إليها قط، ليتوفى في 25 سبتمبر 1987 عن عمر ناهز 74 عاما رحمه الله.