الفوضى والأوساخ يحولان المدينة إلى قرية رغم أن حاسي بحبح من بين البلديات القليلة جدا على مستوى التراب الوطني التي تملك موقعا استراتيجيا هاما يساعدها على التوسع والسير نحو التنمية الحقيقية في أوقات قياسية، إلا أن واقعها يعكس ذلك تماما، ولا زالت تعيش ظروف القرية، بداية بالعجز الواضح الذي تعرفه الكثير من الخدمات، كالنظافة التي عجزت مصالح السلطات المحلية في محاصرتها، فأغلب الأحياء تعاني من عدم انضباط شاحنات القمامة في التوقيت، هذا مع معاناة سكان الأحياء الحضرية التي تحتوي في بعض جيوبها العقارية على أمكنة لرمي الفضلات، وهذا ما وسع من دائرة المعاناة كونها تساعد على انتشار الأمراض كداء اللشمينوز الذي تجاوز ال 1000 إصابة خلال السنوات الماضية، فحي 75 مسكن بوسط المدينة لا يزال شاهدا على الكارثة الحقيقية، فبمجرد سقوط الأمطار يتحول الحي إلى جحيم حقيقي فتصعب حركة السكان ويعزل الحي عن المدينة، ومنذ تأسيس الحي سنة 1978 لحد الساعة، ورغم تعاقب الكثير من الأميار إلا أن حال الحي لا زال كما هو رغم الشكاوي التي وجهها السكان للسلطات المحلية السابقة، ونفس الوضعية يعرفها الحي الحضري 275 مسكن الذي يبقى مثالا للفوضى ولغياب الإهتمام من طرف السلطات، أحياء أخرى كحي العرقوب الذي يعاني سكانه من انعدام التهيئة كالأرصفة وقنوات الصرف الصحي، ولا تقتصر معاناة السكان هنا بل تصل إلى أحياء أخرى، كحي العطري وقصر الفروج الذي يبقى شاهدا على الفوضى التي شهدتها المدينة خلال الأزمة الأمنية، فأغلب المساكن بنيت بطريقة فوضوية، فسكانه معرضون لموت حقيقي بسبب التوصيلات الغير قانونية للكهرباء، بالإضافة إلى انعدام الكثير من الشروط الحياتية كالمياه الصالحة للشرب، وانعدام قنوات الصرف الصحي، ويبقى مخرج الوادي بالجهة الجنوبية يمثل خطرا آخر على سكان المدينة، وخصوصا سكان حي بوعافية بعدما أصبحت تستعمل مياه قنوات الصرف الصحي في سقي الكثير من الخضروات، بالإضافة إلى تحوله إلى بؤرة حقيقية لتكوين الحشرات الضارة، ويحدث هذا أمام أعين السلطات المحلية التي لم تحرك ساكنا• البلدية في حاجة إلى 3000 سكن اجتماعي والطريق المحول مشروع يقضي على نشاط المدينة حسب الأرقام الرسمية لمكتب السكن، فإن عدد طلبات السكن الإجتماعي وصل إلى أكثر من 4700 طلب، وهذا الرقم يمثل حجم الفقر والحاجة لهذا المرفق الضروري، وهناك أكثر من 60 بالمئة من الملفات التي أودعت من طرف أصحابها منذ أكثر من 10 سنوات، إلا أنهم لم يستفيدو بسبب السياسة المنتهجة في التوزيع وغياب الدراسة الحقيقية والعدالة في ترتيب ذوي الحاجة، ورغم تحويل توزيع السكن إلى الدائرة، إلا أن الحديث الذي حام حول القائمة الأخيرة والإستفادات التي قيل عنها أنها مغشوشة، بسبب اختفاء الكثير من الأسماء وراء أسماء تستحق الإستفادة لمستواها الإجتماعي المتدني، بعدما تم تحرير عقود تنازل عرفية وإستفادة أسماء أخرى بعيدة عن ال 200 ملف التي تم ترشيحها تبقى الحصة المقتطعة لمصالح أعوان الشرطة والأطباء هي الأخرى تحتاج لوقفة، خصوصا وأن مستخدمي الشرحيتين يقدمان خدمات مهمة للسكان، هذا مع التهميش الذي لقيته البلدية من قبل السلطات الولائية من حيث توزيع حصة السكن على البلديات، كون حاسي بحبح تملك شروطا هامة للتوسع ولتحولها إلى مدينة حقيقية• من جانب آخر، لا زال المشروع التابع لمديرية الأشغال العمومية والخاص بتنفيذ مشروع المحول الذي يعزل المدينة عن مستعملي الطريق الوطني رقم 1 يصنع الحدث، فالحركة والنشاط الذي تعرفه المدينة يصنعه العابرون من الشمال إلى الحنوب، وهذا ما يجعل المدينة في بطالة حقيقية، ورغم أن التصريحات التي جمعناها إتفقت على أن المشروع جاء بعيدا عن مصلحة السكان وما هو إلا صرف للمال دون مراعاة لمصالح المواطنين، رغم أن الطريق الذي يشق المدينة نصفين ذا اتساع معتبر يمكنه أن يحتوي الإكتضاض الذي قد يحدث• فقروبطالة ومشروع الحمام المعدني طريق للخلاص تعتبر بلدية حاسي بحبح من بين أفقر البلديات وهذا بسبب الغياب الكلي للمصانع أو الورشات التي من شأنها أن تقلص من حجم طلبات العمل التي في كل سنة تتزايد، بفعل ما تنتجه المعاهد والجامعات على المستوى الوطني، وكذا مراكز التكوين المهني فأغلب الشباب أصبح مخيرا بين الوقوف وراء طابور للإستفادة من عقد في إطار الشبكة الإجتماعية أو الحصول على عقد ما قبل التشغيل، والإمتيازين لا يسمنا ولا يغنيا من جوع، وقد عملت الأزمة الأمنية على اتساع دائرة البطالة بعد نزوح أعداد كبيرة من البدو وسكان الريف إلى المدينة، بالإضافة إلى ما حدث لمصنعي البلاط والخشب والفلين، الذي - وحسب مصادر الفجر الموثوقة - فقد أغلق رغم أنه يمثل إحدى الصروح الإنتاحية على المستوى الوطني لنوعية إنتاجه، فقد ساهم في تأثيث قصر الحكومة، بالإضافة إلى تعاقده مع أكثر من ديوان ترقية على المستوى الوطني، وأكبر سؤال لا زال عمال المصنع المسرحين يطرحونه لماذا لم تتعاقد سلطات الجلفة مع المصنع كما فعلت ولايات أخرى؟ رغم أن تكلفة الشقة محددة بسعر واحد• وتجدر الإشارة، أن مصنع الخشب والفلين من المصانع التي يمكنها أن تشغل أكثر من 400 عامل ولا زال غلقه يطرح جدلا كبيرا خصوصا الطريقة التي تم بها نقل بعض العتاد والتجهيزات إلى ولاية شمالية، من جانب آخر لا زالت الإستفهامات تحوم حول غلق مؤسسة صناعة البلاط والغرانيت رغم حاجة الولاية لهذه المادة التي أصبحت تجلب من ولايات أخرى، ويبقى المشروع الذي سطرته السلطات الولائية والمتمثل في الحمام المعدني الواقع 7 كلم جنوب البلدية من بين أهم وأثقل المشاريع التي يمكنها أن تفك الكثير من المشاكل الكبيرة، كالبطالة وتحريك النشاط التجاري للبلدية وللولاية كافة، وهذا بفضل المياه المعدنية الساخنة، والتي أثبتت التقارير والمخابر أنها صالحة لعدة أمراض جلدية، ويعتبر موقع حاسي بحبح أهم عامل لنجاح المشروع لقربه من العاصمة، ويمثل نقطة تقاطع للجهات الأربع، وقد أكد وزير السياحة السابق "نور الدين موسى" خلال زيارته للمشروع، إنه ضخم ويحتاج إلى وقفة كاملة من المستثمرين الخواص، ويعلق سكان البلدية آمالا كبيرة على وزير السياحة الحالي "الشريف رحماني" للإلتفات إلى هذا المشروع وتقديمه للمستثمرين الجزائررين أو الأجانب، وهذا لإخراج البلدية والولاية ككل من حالة الإستهلاك والبطالة، والمشروع - وحسب مصادر الفجر - يحمل الكثير من مواصفات النجاح لكمية المياه الجوفية المعتبرة، بالإضافة إلى انبساط المنطقة التي يمكنها أن تحمل مشاريع سكنية ومراكز خدمات كون جلب الماء والكهرباء لا يمثلان عائقا أمام أي مستثمر• السلطات مطالبة بالإلتفات إلى الجمعيات تمثل شريحة الشباب الغالبية المطلقة للسكان، إلا أن اهتمام السلطات لا يتجاوز ال5 بالمئة وهذا مقارنة مع بلديات ولايات كثيرة، فقد عانى الأطفال والشباب من الفراغ القاتل لإنعدام المرافق الترفيهية، فحاسي بحبح ورغم أنها من أقدم البلديات، إلا أنها لم تستفد من مشروع المسبح إلا خلال السنة الماضية، ولا تملك إلا دارين للشباب وبتجهيزات قليلة جدا، مع معاناة أغلب الجمعيات من الدعم المالي والمعنوي الذي من شأنه أن يساعد ها على النشاط، وفي لفتة من وزارة الشباب والرياضة فقد تم منح البلدية مشروع ترميم الملعب وبسطه بالعشب الإصطناعي، بالإضافة إلى المسبح النصف الأولمبي الذي يمكنه أن يغير من صيف الشباب والأطفال، وتبقى السلطات المحلية مطالبة بدعم الجمعيات الناشطة حسب ما تقدمه من نشاط ومن تفعيل للحركة الشبانية، التي أصبحت تمثل تارموماتر التنمية البشرية، خصوصا وأن تعليمات رئيس الجمهورية للولاة واضحة في هذا الشأن، وكذا توصيات وزير الداخلية المرسلة لمدراء التنظيم، بضرورة احتواء الجمعيات الفاعلة وتجميد الغير ناشطة• وتجدر الإشارة، أن أغلب الجمعيات والنوادي المتواجدة بالبلدية لا تملك مقرات وتبقى بلدية حاسي بحبح في انتظار الكثير من المشاريع والهياكل الخدماتية التي تأخذ سبغة الخدمة الجوارية، وهذا لاتساع عدد السكان والتوسع العمراني للمدينة مع ضرورة فتح خطوط النقل الحضري لكافة الأحياء لتسهيل التنقل على المواطنين، كما تبقى المدينة في حاجة إلى نسبة من مشاريع تعبيد الطرق وإضافة قاعات علاج بعدد من الأحياء، وتوصيل قنوات الصرف الصحي بالتجزئات التي لا زال يعاني سكانها من الأوساخ والظروف المعيشية الصعبة•