"الفجر" تنقلت، صبيحة يوم الخميس، إلى منطقة الشفا ببلدية خليل، التي تبعد عن مقر الولاية بحوالي 37 كلم، للوقوف على الحقيقة، فكانت وجهتنا الأولى المركز الصحي بالتجمع السكاني بالشفا، حيث وأثناء وصولنا لاحظنا سيارات الإسعاف التابعة للحماية المدنية وهي تنقل التلاميذ المغمى عليهم إلى مستشفى رأس الواد، والمراكز الصحية القريبة لإسعافهم، حيث علمنا أنه تم نقل حوالي 23 تلميذ طيلة يوم الخميس، بعدها توجهنا إلى الإكمالية المعنية "أعمر مباركي"، والتي شهدت، طيلة يومي الأربعاء والخميس، تردد سيارات الإسعاف لنقل التلاميذ، الذين تظهر عليهم أعراض غريبة، تتمثل في الغثيان وعدم القدرة على الحركة، مع إرتفاع للحرارة والإسهال• أثناء قدومنا إلى المتوسطة، شهدنا تجمع العديد من أولياء التلاميذ والمواطنين القاطنين في الشفا أمام إدارة المؤسسة التعليمية، إقتربنا منهم لمعرفة المزيد من حيثيات القضية، فأفادنا السيد ب• وحيد، أن شقيقتيه تقعدان في المستشفى، وهما بن جدو عايدة، وبن جدوأحلام، ولم يتجاوز سنهما 14 سنة، وأضاف أنه لم يتم نقل المصابين، منذ يوم الأربعاء إلى غاية ساعة متأخرة من يوم الخميس، حيث بقي الأولياء في حيرة من أمرهم، في طريقة التكفل الأمثل بأبنائهم• وعن كيفية إنتشار الإغماء بين التلاميذ والطلبة، فأشار نفس المصدر، أن حالات الإغماء بدأت بالطالب "فحيمة عادل" الذي يدرس في السنة الثالثة متوسط، حيث سقط مباشرة بعد دخول التلاميذ في الفترة المسائية، ثم تتالت حالات الإغماء وسط التلاميذ من الجنسين، أما عن التلاميذ أنفسهم، ففي حديثهم معنا أشاروا، أنه مباشرة بعد حالات الإغماء قررت الإدارة نقلهم إلى منازلهم بواسطة حافلة النقل المدرسي، كما ظهروا وهم متأثرين جدا بحالة زملائهم الذين يرقدون في المستشفيات والمراكز الصحية، وعن اليوم الأول من الحادثة، فذكروا أنهم تناولوا وجبة الغذاء المكونة من قطعة للحم وأرز، الذي وصفوا رائحته بالنتنة وتحلية ممثلة في مادة فلون، فبعد تناولهم للوجبة المذكورة ظهرت الأعراض الآنفة الذكر، كما أوضح أولياء التلاميذ أن العديد منهم يتناول وجبة الغذاء المقدمة من طرف المؤسسة التربوية خارج أسوارها، وهوالشئ الذي وقفت عليه "الفجر"، وهذا بسبب ضيق القاعة المخصصة للإطعام، والتي لا تتسع إلا ل 200 طفل، في حين يتم إطعام حوالي 674 طفل على ثلاث دفعات، وفي مدة لا تتجاوز الساعة في نفس القاعة، كما علمنا أن المشرفين على المطبخ لا يتجاوز عناصره طباخ واحد ومساعدين له، مما يطرح العديد من الأسئلة في نوعية الغذاء المقدم، وكيفية إعداده لحوالي 674 طالب في المدرسة• أما عن المرافق الرياضية، التربوية والثقافية، فأشار التلاميذ والأولياء على حد سواء، أن المؤسسة تعاني نقصا فادحا في هذه المجالات، أضف إلى ذلك المراحيض غير المؤهلة، بسبب عدم احتوائها على أبواب، وختموا حديثهم معنا بإبداء إستيائهم وتذمرهم مما وصل إليه حال التعليم في المنطقة، خاصة بعد النداءات التي وجهوها للسلطات المحلية في إنجاز متوسطة أخرى، في أولاد بلحاج • لجنة تحقيق والأولياء يطالبون بالعقاب حاولنا التقرب من مدير المدرسة، إلا أنه كان في إجتماع مغلق مع لجنة التحقيق الموفدة من مقر الولاية، والتي وقفت على عينة الغذاء الذي إشتكى منه التلاميذ، وتم إرساله إلى مخبر الكشف عن حالات العدوى والتسمم الغذائي، اللجنة تكونت من مدير الصحة، المفتش العام للولاية، مدير التربية ومصلحة الأوبئة والأمراض المعدية، حيث من المرتقب ظهور نتائج التحاليل التي خضعت لها عينات وجبات الغذاء المقدمة لتلاميذ، يوم السبت، على إثرها ستتخذ إجراءات وصفها المسؤول الأول في الولاية، أثناء الزيارة الميدانية التي قادته إلى المنطقة على إثر الحادثة، بأنها ستكون ردعية، إن ثبت ركن الإهمال والتسيب الذي شدد عليه أولياء التلاميذ، وعن فرضية التسمم الغذائي، فقال أنه من غير الممكن إثبات أمر لم تثبته الجهات الوصية على هذا الموضوع، كما أبدى امتعاضه من نقل بعض الصحف الوطنية لأخبار لا أساس لها من الصحة، كما حدث في اليومين الأخيرين في حادثة تسمم الأطفال بالشفا، التي أوصلتها بعض الجرائد إلى 400 حالة، في حين لم يتجاوز عدد الذين استقبلتهم المصالح الطبية عبر الولاية 200 شخص، حسب مصدر من ديوان الولاية يوم الخميس • مدير التربية يمنع التصريح للصحفيين و23 مصابا تحت الرقابة المركزة وقد شهدت زيارة الوالي أجواء مشحونة وتشنج في الحوار مع مواطني المنطقة، طالبوا فيها بإقالة مدير المؤسسة والمسؤولين عن هذه الحادثة، الشيء الملاحظ عند زيارة والي الولاية للمنطقة، هو رفع المشاكل الإجتماعية والتنموية التي تعاني منها المنطقة، ومطالبة السلطات المحلية بتوفير مناصب الشغل، والعمل على التهيئة العمرانية للتجمع السكاني الشفا، الذي كان في وقت الإستعمار مصنفة ضمن البلديات، لكن في التقسيم الإداري الجديد، تم تجاهل الشفا لتصنيفها على أساس القرى والتجمعات السكنية الكبيرة، حاولنا الحديث مع أعوان الأمن وبعض مؤطري المؤسسة، إلا أنهم امتنعوا عن الإدلاء بأي تصريح، بسبب تعليمة مدير التربية بالولاية، الذي توعد كل من يدلي بتصريح لرجال الإعلام والصحافة الوطنية، الشيء الذي فسره مواطنوالشفا، بمحاولة التستر على ما يجري من تجاوزات داخل المتوسطة• حوالي الساعة 07 مساء، توجهنا إلى مستشفى رأس الوادي، الذي سجل إستقبال 74 تلميذ تلقوا الإسعافات الأولية، وقد تم تسريحهم إلى منازلهم، ما عدا 23 حالة تم التحفظ عليها تحت المراقبة الطبية المركزة، وهذا من أجل التأكد من سلامتهم من الأمراض المعدية، المتنقلة وكذا حالات التسمم، إستقبلنا مدير المؤسسة الإستشفائية برأس الوادي، السيد "كيتوس رابح"، والذي صرح لنا أن المستشفى قد تكفل بحالات التلاميذ المصابين بالإغماء، بالتنسيق مع المراكز الصحية ببئر قاصد علي، كما نفى أن تكون أي حالة قد حولت إلى المستشفى الجامعي بسطيف أوالعيادات الخاصة، وهذا نظرا لتجند الطاقم الطبي المكون من أخصائيين وممرضين، سهروا لتقديم المساعدة اللازمة لتلاميذ المسعفين، "الفجر" بدورها اقتربت من بعض التلاميذ الذين كانت حالتهم توحي بالتعب والإعياء، جراء ما حدث لهم، غير أن الجهود المبذولة من قبل 24 طبيب وممرض في الشبه الطبي بالمستشفى، ساعد على تجاوزهم مرحلة الخطر، خاصة إذا علمنا أن أحدهم دخل غرفة الإنعاش، وهوالتلميذ "ف• عادل"، وقد أكد لنا ممن إقتربنا منهم من التلاميذ في مستشفى رأس الوادي حول ما حدث في إكمالية " أعمر مباركي "، شعورهم مباشرة بعد تناولهم وجبة الغذاء بالغثيان، الإعياء المفاجئ والحرارة المرتفعة، وقد ثمنوا ما بذله موظفوالمستشفى وأعوان الحماية المدنية بعين تاغروت، الذين سهروا على نقلهم إلى المراكز الصحية• بقي أن نشير أن مدير المستشفى السيد "كيتوس رابح"، ذكر أنه من المرتقب خروج بقية التلاميذ أمس الجمعة صباحا•