أثارت قضية التسمم الغذائي الذي تعرض له قرابة 400 تلميذ بإكمالية "مباركية اعمر بمنطقة الشفا ببلدية خليل ببرج بوعريريج، غضبا كبيرا لدى سكان المنطقة من أولياء التلاميذ وأقاربهم، حيث قاموا في ساعة مبكرة من يوم الخميس الماضي، بتطويق الإكمالية محتجزين العمال والأساتذة والإداريين الذين كانوا بداخلها احتجاجا على ما لحق بأولادهم. حيث طالبوا بحضور الوالي شخصيا، وقد انتقل فعلا إلى منطقة الشفا وتمكن من تهدئة الأولياء الغاضبين بعد أن استمع لانشغالاتهم ووعدهم بالحل السريع والتكفل بعلاج جميع التلاميذ.وتعود تفاصيل الحادثة إلى الأربعاء الماضي، حيث تناول التلاميذ وجبة الغداء التي كانت تحتوي على (الأرز واللحم والفلان) وعند التحاقهم بالأقسام أثناء الفترة المسائية من نفس اليوم أحسوا بآلام على مستوى البطن، بالإضافة إلى الغثيان والإغماء، حسب ما أكده لنا كل من (توفيق 13 سنة، علاء الدين 14 سنة) وشريهان ومليكة، وهم عينة من التلاميذ المصابين، وقد كانت حالتهم مستقرة ماعدا (علاء الدين) الذي كان يبدو عليه التأثر، حيث لم يستطع حتى التحدث معنا. وقد أكد لنا زميله توفيق أن علاء الدين كان أول من ظهرت عليه أعراض التسمم وسقط مغشيا عليه وتم نقلهم من المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببئر قاصد علي إلى مستشفى راس الواد، حيث التقيناهم مساء يوم الخميس. وحسب مدير مستشفى رأس الواد، فإن عدد التلاميذ الذين تم استقبالهم بالمستشفى 75 تلميذا حولوا إلى مستوصف راس الواد، بسبب ضعف الإمكانيات بعيادة بئر قاصد علي حيث لا تتوفر إلا على 4 أسرّة للمعاينة، ولاحتواء العدد الهائل من المصابين الذين توافدوا على العيادة، تمت الاستعانة بالأسرّة العشرة المتواجدة بقسم الأمومة والطفولة التابع لنفس العيادة بعد أن تم إخلاؤها خصيصا لمعاينة الحالات التي استوجبت المتابعة، في حين تم تسريح مئات آخرين بعد فحصهم ووصف الدواء لهم، وقد استدعى نقل التلاميذ المصابين تجنيد مصالح الحماية المدنية لوحدتي عين تاغروت وبرج بوعريريج، كما تطلب الأمر استعمال حافلات النقل الخاصة وسيارات المواطنين بعد أن تم نشر الخبر بمنطقة الشفا عن طريق "التبراح" من على مئذنة المسجد، حيث طلب "البراح" من المواطنين الذين يتمدرس أبناؤهم بالإكمالية ضرورة الالتحاق بالإكمالية لأمر خطير لحق بأولادهم، وفور سماع الخبر سارع الأهالي للإطمئنان على حالة أبنائهم وكذلك لتقديم المساعدة في نقل المصابين.وقد كشفت حادثة تسمم التلاميذ بالشفا النقاب على حقيقة مرّة وهي انعدام المرافق الصحية بالمنطقة التي يمكنها التكفل بهذه الحالات، حيث اضطر الأولياء إلى قطع مسافة طويلة للوصول إلى بئر قاصد علي بسبب غلق المركز الصحي الوحيد بالمنطقة بعد أن تحول إلى ثكنة خلال العشرية السوداء، ولم يتم إعادة فتحه بعد تحسن الأوضاع الأمنية بالمنطقة، حسب ما أكده لنا الأولياء الذين التقيناهم بعيادة بئر قاصد علي. وقد صرح لنا عمي إبراهيم والد الصغيرة عايدة التي استلزمت حالتها الصحية العودة إلى العيادة بعد أن خرجت صباح يوم الخميس، من مستشفى راس الواد، أن كراء سيارة من الشفا إلى بئر قاصد علي يكلف أكثر من 300 دج، وهو ما أكده أيضا، الأستاذ عبد الباسط الذي حضر مع قريبته (ابنة خاله) التي اضطرت إلى الرجوع للعيادة بعد أن اشتد عليها الألم واستمر تدفق المصابين الذين تم تسريحهم من مستشفى راس الواد إلى عيادة بئر قاصد علي إلى غاية الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس.ويبقى الشارع البرايجي في حالة غليان، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات التي باشرتها لجنة خاصة عينها والي الولاية وتضم ممثلي مديرية التربية، مديرية الصحة ومكتب النظافة من أجل الوصول إلى حقيقة ما حدث وكشف المتسببين في تسمم مئات من تلاميذ إكمالية مباركية اعمر.من جهتها، أكدت جمعية حماية المستهلك على لسان رئيسها أنها ستنتظر نتائج التحقيقات وستتأسس كطرف لمتابعة المتورطين في هذه القضية.