الفقهاء المعاصرون يكادون يتفقون على أن عمليات التحويل تختلف من حالة لأخرى، فلا تستوي حالة الخنثى بحالة الرغبة في التشبه• في فتوى لفضيلة الشيخ جاد الحق شيخ الجامع الأزهر رحمه الله رأى أن إجراء العمليات الجراحية للخنثى مأمور بها شرعاً، وأنه يجوز إجراء عملية جراحيّة يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأي الطبيب الثِّقة إلى وجود الدواعي الخِلْقِية في ذات الجسد بعلامات الأنوثة المغمورة أو علامات الرجولة المغمورة، تداويًا من علة جسديّة لا تزول إلا بهذه الجراحة• بل يرى الشيخ جاد الحق أن الأمر قد يصير واجبًا باعتباره عِلاجًا متى نصح بذلك الطبيب الثقة، ولكن لا يجوز مثل هذا الأمر لمجرّد الرغبة في تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل، أو من رجل إلى امرأة• تغيير خلق الله وقد ناقش مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في 1989م موضوع تحويل الذكر إلى أنثى، وبالعكس• وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي: أن الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله• أما من اجتمعت في أعضائه علامات النساء والرجال، فينظر فيه إلى الغالب من حاله، فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيًّا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة جاز علاجه طبيًّا، بما يزيل الاشتباه في أنوثته• الجراحة واجبة عند الاضطرار الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً يرى أن التشبه لمجرد الميل هو من الأمور المحظورة شرعاً، والتي تدخل في دائرة الحرمة، إن كانت مجرد ميول، ولكنه يرى أنها قد تكون اضطراريّة فيجب العلاج منها بما يمكن، ولكن مجرد الرغبة لا يحول الجنس إلى جنس آخر أبداً• ويرى الشيخ عطية صقر أنه قد يُولَد شخص به أجهزة الجنسين، فيقال له: "خُنْثَى"، وقد تتغلب أعضاء الذكورة وتبرُز بعملية جراحية وغيرها فيصير ذكَرًا يتزوّج أنثى وقد يُنجِب• وقد تتغلّب أعضاء الأنوثة وتبرز بعملية جراحيّة وغيرها فيصير أنثى تتزوّج رجلاً، وقد تُنجب، فمثل هذه العملية لا بأس بها شرعاً، وهي جائزة• التشبه مرض نفسي الشيخ محمد باي بلعالم أحد الأئمة بالجزائر وشيخ زاوية أولف يقول في الموضوع: إن مجرد الرغبة من الجنس الكامل الذكر أو الأنثى إلى التحول إلى الجنس الآخر هو في حقيقته مرض نفسي، قد يكون الدافع له سوء التربية أحياناً، وكراهية المجتمع الذي يعيشون فيه، فيتولد عندهم الرغبة في تحويل الجنس، وهذا بخلاف الخنثى• ويرى الشيخ أن الرجل كامل الذكورة والمرأة كاملة الأنوثة يحرم عليهما تحويل الجنس• ويستند في التحريم إلى الكتاب والسنة، ومن الكتاب حكاية الله عن الشيطان في قوله: "إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا (117) لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا (118) ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" (النساء)• ومن السنة لعن التشبه بين الجنسين، كما في حديث ابن عباس عند البخاري: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المشتبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"• وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم من نفي المخنث وعدم جواز خلطته بالنساء، كما في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال هذا"؟ فقيل يا رسول الله: يتشبه بالنساء فأمر صلى الله عليه وسلم فنُفي إلى النقيع فقالوا: يا رسول الله، ألا نقتله؟ فقال: "إني نُهيت عن قتل المصلين"• كما أن الأطباء الثقات لم يروا أية ضرورة لمثل هذا الفعل في تحويل الجنس• الخلاصة وبهذا المنهاج نرى أن الإسلام لم يمنع الناس شيئاً فيه مصلحتهم، فأجاز إجراء العملية ليكون رجلاً من غلبت عليه علامات الرجولة، وتكون أنثى من غلبت عليها علامات الأنوثة، أما من غلب عليه هوى التشبه بالجنس الآخر، فلا مجال له للحل أو الإباحة، لأنه عبث بخلق الله•