أثارت الفتاوى التي أطلقها أحد علماء الأزهر بوقوع الزواج الذي يتم على سبيل التمثيل في المسلسلات والأفلام العديد من التساؤلات حول حدود وقوع هذا الزواج في التمثيل الدرامي، وما حكم من تمثل بأنها تتزوج في مسلسل وهي متزوجة بالفعل؟ وهل إذا ما طلقت الممثلة عليها عدة أم لا؟ وكان الشيخ فرحات المنجي قد أفتى بأن ظهور ممثلة وممثل وبينهما مأذون( الإمام) على الشاشة، ثم القيام بعقد النكاح بالطريقة الشرعية، اعتمادًا على العبارات المتفق عليها شرعًا، يعني أن الزواج قد تمّ بينهما، وإذا كانت الممثلة متزوجة في الحقيقة، فهي بذلك تجمع بين زوجين• واستند المنجي في فتواه إلى أن إجراءات الزواج والطلاق لا "هزل" فيها بناء على الحديث النبوي الذي يقول: "ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ، النكاح والعتق والطلاق"• وهو ما يعني عدم الاستخفاف بأي من هذه الأمور الثلاثة• وطالب الشيخ فرحات أهل الفن بتجنّب هذه المشاهد، حتى لا يدخلوا في مواجهة مع الجهات الدينية المختصة، وخصوصًا أنهم قادرون على كتابة ما لا يتعارض مع أحكام الشرع• لا يقع شرعًا الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بالأزهر سابقًا، يؤكد أن هذا الزواج لا يعد بهذه الطريقة زواجا صحيحا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي"• فإذا كان يقتضي أن تزوج الممثلة نفسها للممثل فهذا زواج باطل، وإذا كان الممثل يقوم بدور الأب فيقول زوجتك ابنتي فهي ليست ابنته وهو ليس أباها، ومن ثم فالزواج ليس صحيحا• أما الشيخ مسعود صبري عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيلفت إلى ملمح آخر حيث يقول: "أرى أن هناك فرقا بين الهزل والمحاكاة، فكون الإنسان يهزل بشيء هو من باب الاستخفاف به، أما محاكاته فأمر آخر، ولو قال رجل لآخر: إن فلانا قد تزوج فلانة، ولم يكونا قد تزوجا ما صح زواجهما وما انعقد••"• الزواج صحيح بفكرة مغايرة لما سبق يوافق الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية على فتوى الشيخ المنجي، ويؤكد أن الزواج بالفعل واقع ما دامت صيغته الشرعية قد تحققت• ويوضح أبو طالب قائلا: "إذا قالت ممثلة لممثل زوجتك نفسي، وقال الآخر قبلت•• انعقد الزواج وأصبحت زوجة له، وتكون عاصية بهذا الزواج إذا كانت متزوجة، وكذلك إذا قال زوج كاذبا طلقت زوجتي طلقت هذه الزوجة"• ويضيف: "بناء على ذلك فإن الأصل أن يمتنع المسلم عن جعل عقد الزواج أو إنهائه عرضة للعبث أو للعب، فكل عبارة يقولها المسلم تتعلق بهذا العقد، سواء في عقده أو في إنهائه تنتج أثرها"• الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يوافق على الفتوى بوقوع هذا الزواج، حيث يرى أنه "إذا أجريت صيغة النكاح بين الممثل والممثلة إيجابا وقبولا مع وجود الشهود، فإن الزواج هنا يقع"• تأصيل وتفصيل الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يورد في المسألة تأصيلا وتفصيلا، حيث يرى أن صيغة عقد النكاح إذا تلفظ بها من هو أهل لمباشرة العقد، وهو الرجل وصادفت قبولا من ولي المرأة انعقد النكاح، سواء أكان هذا جدا أو لعبا• ويلفت إلى أن "العلماء يرون أن تصرفات الهازل الذي قصد التصرف ولم يقصد النتيجة المترتبة عليها تعد تصرفات غير معتبرة في الشرع، بمعنى أنها لا يترتب عليها أثر شرعي، وهذا باعتبار التصرفات التي تقبل النقض والتي يؤثر فيها الهزل"•