ففي تصريح أدلى به وزير الخارجية، مراد مدلسي، ل "الفجر"، فإن تصور التعاون الجزائري - الإيراني أصبح أكثر وضوحا خلال هذه الزيارة، وقد حددت القطاعات التي سيشملها التعاون في المجال الإقتصادي وفي مجال الصحة والتعليم العالي، حيث قال إن هذا التعاون مبني اليوم على مجال صناعي متنوع ويأخذ بعين الاعتبار احتياجات الجزائر وإمكانيات إيران بعين الاعتبار في مجالات عدة كصناعة الإسمنت والبناء والسكة الحديدية وصناعة السيارات التي ستبدأ بالتركيب في مرحلة أولى، ثم تتحول إلى اندماج تدريجي في مراحل لاحقة. إذ بدأ التعاون في صناعة السيارات بتصدير إيران سياراتها إلى السوق الجزائرية وهذا يمكنها من تحديد السوق الجزائرية في مجال السيارات والنوعية التي يزيد عليها الطلب. وفي المجال السياسي، قال مدلسي أن هناك ملفات ثقيلة تم التطرق إليها خلال لقائه، أول أمس، بنظيره الإيراني، منو شهر متكي وأخرى حديثة، منها قضية الانقلاب في موريتانيا وما يجري حاليا من نزاع بين جورجيا وروسيا الاتحادية. أما الملفات الثقيلة فمنها الملف النووي الإيراني، وطبعا أم المشاكل، الشرق الأوسط، بكل أقطابه اللبنانية والفلسطينية وطبعا العراق، ووجهة النظر، يقول الوزير، منسجمة بين البلدين فيما يخص كل هذه القضايا. كما أن موقف الجزائر الداعم لحق كل البلدان في الحصول على تكنولوجيا نووية سلمية مفتوحة للجميع، واضح ويدعم إيران في أزمتها مع الغرب. الجزائر تدعم حق امتلاك أي بلد لتكنولوجيا نووية سلمية وعن سؤال إن كانت الجزائر ستقوم بوساطة بين إيران وأوروبا بشأن الأزمة النووية، قال مدلسي إن هذا مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة، وإن انشغال الجزائر الدائم هو حق كل البلدان في الحصول على تكنولوجيا نووية سلمية، مثلما سبق الحديث عنه، وإيران مازالت تفاوض بهذا الشأن. ولاحظ وزير الخارجية هنا أنه وبسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران حصل في المقابل تطور إيجابي في المجالات الاقتصادية والإجتماعية، سمحت له بمواجهة الحصار "فصارت له قدرات نرغب نحن اليوم في الاستفادة منها". وفي مجال الطاقة، قال مدلسي أن لقاءات أمس سمحت للبلدين بتقييم سوق المحروقات التي سجلت ميلا لتراجع الأسعار، لكن التراجع سيعوضه عودة قيمة الدولار. كما تطرقت المحادثات بين شكيب خليل ووزير النفط الإيراني إلى الظروف الجيواستراتيجية التي تؤثر في الأسعار، ومنها الصراعات القديمة التي مازالت قائمة مثل حرب العراق. خليل: "إجتماع نادي البلدان المنتجة والمصدرة للغاز بموسكو في نوفمبر المقبل" من جهته، قال وزير الطاقة والمناجم، شكيب خليل، الذي جاء هو الآخر ضمن وفد الوزراء الذي سبق الرئيس الجزائرطهران ، في تصريح ل "الفجر" أنه تطرق في اللقاء الذي جمعه بنظيره الإيراني إلى العلاقات الثنائية والتعاون الإيراني - الجزائري ومشاريع الشركات الجزائرية - الإيرانية في مجال الطاقة، كما شملت موضوع نادي منتجي ومصدري الغاز، إذ أن وجهة نظر البلدين متقاربة بشأن النادي، الذي سيعقد اجتماعا له بموسكو في نوفمبر المقبل. إذ يجري التحضير منذ اجتماع الدوحة الأخير لتشكيل منظمة سيكون لها رئيس وأمين عام وميزانية، وقد أسس اجتماع الدوحة لجنة دراسة لهذا الغرض. مدلسي: "فكرة إنشاء كارتل للغاز غير واردة" من جهته، نفى وزير الخارجية، مراد مدلسي، أن تكون هناك نية لتشكيل كارتل للغاز مثلما تحدثت بشأنه الصحافة أمس، حيث قال إن فكرة الكارتل غير واردة حاليا وهذا لأن سوق الغاز والنقل تختلف ولذلك من الصعب أن يكون هناك كارتل لذلك في هذا الظرف، لكن هناك لقاءات في إطار "فوروم" الدول المنتجة والمصدرة للغاز لتقييم تطورات السوق العالمية والإقليمية، لأن لكل بلد الحق في أن تكون له رؤية واضحة يبني عليها سياسته الإنتاجية. بركات: "نرغب في استقدام معامل إيرانية لإنتاج الأدوية الجنيسة" أما في مجال الصحة، فصرح بركات ل "الفجر" في طهران أن للجزائر وطهران نفس الخيارات فيما يتعلق بالطب والأدوية والمستشفيات "فكلانا يريد أن يتخلص من التبعية للخارج". وعن سبب اختيار الوجهة الإيرانية في هذا المجال، قال بركات، إن إيران سجلت تطورا كبيرا في مجال إنتاج الأدوية الجنيسة، فهي تنتج 90 في المائة من حاجتها للأدوية وأدويتها الجنيسة مماثلة مائة بالمائة للأصلية. وأضاف: "إننا نرغب في استقدام الإيرانيين لإنشاء معامل أدوية جنيسة في الجزائر، وقد اتفقنا على المبدأ خلال هذه الزيارة"، كما أن هناك برنامجا واسعا جدا، قال الوزير، لبناء مستشفيات عصرية في الجزائر وكذلك مخابر لمراقبة الأدوية لأن إيران تمتلك أيضا خبرة واسعة في هذا المجال، وقد اتفق معهد "باستور" الجزائر و"باستور" طهران أيضا في مجال التعاون وتبادل الخبرات بينهما. حراوبية: "نحن بصدد دراسة إمكانية إرسال طلبة جزائريين إلى إيران" في التعليم العالي، قال حراوبية في تصريحه ل "الفجر": "يجري الحديث بشأن تبادل الطلبة بيننا، فهناك حاليا طلبة إيرانيون يدرسون في الجزائر ونحن بدورنا بصدد دراسة إمكانية إرسال طلبة جزائريين إلى إيران وكذلك الأساتدة، على مستويات عالية وفي تخصصات معينة، مثل العلوم الدقيقة والعلوم الاجتماعية ومواضيع البحث المشتركة في مجال المناطق القاحلة، لأن لإيران تجربة ثرية في مجال مكافحة التصحر وتطوير تكييف نباتاب مقاومة للجفاف والحرارة، تتماشى مع الطبيعة الإيرانية التي لا تختلف كثيرا عن الطبيعة الجزائرية. وعن سؤال ل "الفجر" إن كان إرسال طلبة للدراسة بإيران في مجال العلوم الاجتماعية لا يشكل خطرا على الخيارات الإيديولوجية، خاصة وأنه مازالت ماثلة في الأذهان تجربة السنوات الماضية، قال حراوبية: "إنه لا يوجد أدنى خطر في ذلك". نور الدين موسى: "لإيران تجربة مميزة في مراقبة الزلازل والنمو الحضري" بقي السكن، الذي قال بشأنه نور الدين موسى ل "الفجر"، أمس من إيران، إنه اطلع أول أمس من خلال زيارته لمركز البحث في مجال التربة ومقاومة الزلازل وكل ما يتعلق بالبناء، على أن إيران تكسب أبحاثا تطبيقية متميزة في مجال العمران، كما أن هناك برامج كبيرة في إعادة تأهيل ما هو موجود لمقاومة الزلازل، كما أن هناك مراقبة شاملة لكل التراب الإيراني في جانب الهزات الأرضية، كما أن هناك صناعات متميزة في كل أقسام البناء شبه المصنع. ففي هذا المخبر تجري كل التحاليل والتجارب المتعلقة بالبناء "ونحن في الجزائر في حاجة إلى هذه الخبرة وإيران بنت العديد من المدن الجديدة وتتحكم جيدا في النمو الحضري بفضل تحكمها في أنظمة المعلومات الجغرافية. وبالفعل فقد بدأت شركات بناء إيرانية تقدم عروضا في المناقصات الدولية المفتوحة في مجال السكن، وهذه خبرة سنستفيد منها حتما لتحسين الأداء في الجزائر".