أعرب عدد من النقاد العرب المشاركين في مؤتمر "القصة القصيرة في الوقت الراهن" المنعقد في العاصمة الأردنية عمان، عن قلقهم من الغياب الملحوظ لهذا اللون الأدبي في الحياة الثقافية العربية الراهنة. وأرجع النقاد بعض أسباب هذا التراجع إلى صعوبة تجاوبه مع متغيرات الحياة المعاشة وإلى اللغة الشعرية التي غلبت عن الفن القصصي في السنوات الأخيرة. وقال رئيس جمعية النقاد الأردنيين فخري صالح إن القصة القصيرة أصبحت نوعا أدبيا هامشيا يقيم على أطراف الحياة الثقافية العربية وإن وضعها يدعو للتساؤل والقلق. وفي الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور صالح أبو أصبع، قدم الناقد العراقي الدكتور عبد الله إبراهيم ورقة نقدية حملت عنوان "تأملات في القصة القصيرة"، خلص فيها إلى أنه في الوقت الذي يكف فيه شكل أدبي عن الوفاء بوعوده في تمثيل المرجعيات الثقافية فإنه ينهار أو يتشقق. وبرر ذلك بما وصفه بالأزمة الداخلية التي تحول دون استمرار هذا الشكل الأدبي. وأضاف أن القصة القصيرة ميتة مجازيا وثقافيا وقد سلمت الراية لفن الرواية. وبحسب الدكتور إبراهيم فإنه من الاستحالة على القصة القصيرة الارتقاء إلى رتبة النوع القابل لتحولات حقيقية في بنيته ووظيفته الدلالية. وقال إن القصة القصيرة مازالت أسيرة أصلها الحكائي وشكلها المغلق في عصر أصبح كل شيء فيه مفتوحا، ومحاولة الانفتاح فيها ستجعل منها مشهدا سرديا في نص روائي. أما الناقد المصري الدكتور محمد بدوي فأوضح أنه لا يمكنه الجزم بأن القصة القصيرة قد ماتت، وقال إنه لا يستطيع تأكيد ذلك إلا إذا تحدثنا عن القصة بمفهومها العربي. وأضاف بدوي أن القصة ليست مشهدا ولا حكاية لكن هناك إشكالية خاصة بعد تحول الشعر لقصيدة النثر. وختم حديثه بالقول إن القصة نحيّت وأبعدت لكن يمكن إيجاد أشكال جديدة منها سيما ونحن نعيش عصر الشفافية.