مازالت ظاهرة العوز والحاجة إلى ضروريات الحياة خصوصا ما تعلق بوسائل العلاج والأدوية، مصدر قلق لسكان ولاية تلمسان والبلديات التابعة لها، حيث ظل تدني مستوى المعيشة وضعف القدرة الشرائية وانتشار البطالة في المجتمع الدوافع الحقيقية التي ساعدت على بروز هذه الظاهرة بشكل لافت للنظر، في ظل غياب الوازع الديني الذي يحث على تنمية القيم الأخلاقية كالتكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع لتخطي مشكل العوز والفقر والإقصاء، الأمر الذي دفع بكثير من الجمعيات الخيرية التي يعد جانبا من نشاطها الأساسي مساعدة المرضى والمحتاجين إلى دق ناقوس الخطر، سيما بعدما أصبح معدل الأمراض في تزايد مستمر خاصة المزمنة منها التي تحتاج إلى وفرة الأدوية لإزالة الحرج عن المرضى، ضف إلى ذلك غلاءها الفاحش وصعوبة الحصول عليها في كثير من الأحيان. وفي جولة لجريدة "الفجر" بغية الوقوف على حجم المعاناة، وإيمانا منها بضرورة تقديم صورة حقيقية على ما تعانيه الكثير من فئات المجتمع من إقصاء وتهميش، أخذت هذه الانطباعات من مهتمين ظلوا يحملون همّ مساعدة المحتاجين والمرضى المزمنين وتقديم لهم ما يستطيعون، حيث أكد لنا رئيس المكتب الولائي للهلال الأحمر السيد بن أشهنو أن هيئته تعمل كل ما في وسعها لتقديم خدماتها المجانية التطوعية لهؤلاء المرضى والمعوزين كتوفير الدواء خصوصا البعيد المنال، إضافة إلى توفير الملابس واللوازم المدرسية، وإسعاف المختلين عقليا والمشردين الذين بدون مأوى. وحسب المتحدث ذاته تبقى هذه المساعدات قليلة جدا بالنظر للمتاح والمتوفر. من جهته أوضح رئيس جمعية مساعدة المرضى والمحتاجين بتلمسان، هذه الأخيرة التي تنظم كل موسم قافلة تعاونية باسم "الأمل" لبعث الأمل ونشر أبجديات مساعدة الآخرين مرضى كانوا محتاجين، أن من بين عمليات المساعدة لهؤلاء وبمساهمة المحسنين، تم توزيع 40 نظارة لضعيفي الرؤية و60 كرسيا متحركا للمعاقين حركيا، وقد وصل حسب المصدر ذاته عدد الذين خضعوا للفحوصات الطبية والعمليات الجراحية إلى 500 شخص، في حين استفاد ما يقل عن 1197 مريض من الأدوية مجانا تفاوتت أسعار الوصفات الطبية من 1500 دج إلى 4000 دج، وهو ما يترجم عدد المرض غير المؤمنين اجتماعيا لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وفي هذا الشأن يضيف السيد بن مومن عبد العزيز مندوب الجمعية الولائية لمرضى السكري بدائرة سبدو أقصى جنوب ولاية تلمسان، هذه الدائرة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 56000 نسمة، مما يجعلها تحتاج إلى منظومة صحية متكاملة تستجيب لاحتياجات المرضى بهذه الجهة الحدودية، فقد كشف محدثنا عن إحصاءات خطيرة ومتنامية تعبر عن الوضعية المتدهورة للصحة، وبات مرض السكري يخلف مضاعفات على المصابين، وحسبه فإن الأمراض الوراثية بلغت 80%، فيما بلغت الأمراض الهستيرية 20%، أما الأمراض الخاصة بكبار السن من 50 سنة فما فوق فقد وصلت إلى81 %، أما الأمراض الخاصة بالشباب فقد بلغت 13%، والكارثة الحقيقية التي تهدد الأطفال هو داء السكري، حيث بلغ 06%. وأضاف بأن الأدوية التي تخفف من مضاعفات هذا الداء تبقى بعيدة المنال ومفقودة وفي مقدمتها حبوب غلسكوفاج 850500، أمرال من 1 إلى 4، انسولين، مكتارد أنسولتاز، لونتيس، وأسومام بازال، حيث لا تقدم هذه الأخيرة إلا باستشارة الطبيب المختص. هذا وقد أجمع الكل على ضرورة تجند للقوى الفاعلة من مجتمع مدني وسلطات وجهات وصية من أجل التخفيف من معاناة المرضى والمحتاجين وإلا ستكون النتائج وخيمة، فهل ستجد هذه النداءات آذانا صاغية من الجهات الوصية المسؤولة؟