كراريس الطفولة بالأمس قطرت بالأمس ذكريات.. حبرها أسود لونه وعطره نادى جنونه.. سطره امتد كرعاف ينزف على الورقه ليشيد نغمه.. فتفتق لحنها رغم السنين ولم تنسه.. الكراريس أمتعتني بسنين غافيات.. توسدت في جوفها الأوراق حافيات.. اختبأت من المنون لتعانق الخلود والسبات.. تطرزت نقوشها محفورة كمغريات.. جرحك النازف أندلسي ترشفه الحياة.. قطار يزأر بالليل وتمتعه أصوات الحكايات.. المسافات تلو المسافات.. ومسافرين مبتهجين فر رواقه ومسافرات.. انهار نعبرها وجبال وخيط الغسق الأحمر وكلهم رقود وراقدات.. بينهم ولد طفل للتو في باب القطار انعكست على وجهه الإشارات.. المحطه جسر الوصول وغاية التنهدات.. الليل ملتحف بأصوات الصمت ولا طعام سوى فتات.. قبعة طارت في الفضاء مسرعة سرقت منا الحكايات.. عيون ترتقب القدوم ووداع حزين تسحبها الأقدام للمبهمات.. همسات.. وهمسات.. وأفواه تنشق ريحها عبق النسمات .. قربان الوصول إلى النهاية تذكرة الحقائب المؤصدات.. مدينة الملح ترتوي من ماء الساقيات.. عساكر الليل يخشونه القادم الجديد وأوراق السنديات.. رسول التاريخ وأساطير الماضي ونوره والشذرات.. تراحموا على الرصاص لقتله الإنسان في الغافلات.. جديدهم ماضي وتاريخ وأساطير وناعيات.. يمينًا ويمينُ ويمين وأمنيات.. نهرُ أسماكه تخشى الفضاء لأنهن مراقبات.. ذهل الجميع إلى هنا كنا نروم النهايات.. عدنا إلى القطار من المحطه هاربين وهاربات.. سمعنا بالأخبار إن المدينة قد تغير حالها.. لكنها الرغبة العمياء للجاهلين والجاهلات.. في انتزاع التاج من الحرية وإعطاءه للساقطات.. ديمقراطية الورق والمجاملات.. زأر القطار بنا وراح يسابق الريح العاتيات.. مدينة الملح هربتنا بأزيزها ومياهها الساخنات.. مكبلة هي بفكرها المربوط تحت جذورها القابعات.. مدينة الملح تكره الشعر وتشيد في كل يوم مزبلات.. مدينة الملح أقاصيصها ممتزجه بالحناء والدم وزغاريد جامدات.. مدينة الملح هي الشهيد ترمل في عشقها أحلى الأوقات.. مدينة الملح بها البساتين التي تبيع الرؤوس مغلفة بالخضروات.. يا دمعة الذكريات.. اسعفيني فالموت أهون علي من الخرافات.. ما قرأت يوما بأن الموت شعارا للفتيات.. وما سمعت يوما بأن للأديان طقوسا للذبح مثل صقوس الصلوات.. وما شاهدت يوما بأن حروب السلطة تتخطى كل التخيلات.. ويسير قطارنا لبعيد ويجر خلفه آلاف العربات.. ونحن نحلم بالجديد فنخاف أن تسرق أحلامنا من فلتات..