الداعية التونسي الغنوشي .. قال إنه يحمل حبا خاصا للجزائر لأنها احتضنته هو وعائلته لسنوات في عاصمة الجزائر .. وأن له صداقات خاصة مع العديد من الساسة الجزائريين.. الغنوشي قال الحق .. بل قال جزءا من الحقيقة التي تخصه ولم يقل بقية الحقيقة التي تخص رفاقه في تونس .. فقد آزرتهم الجزائر إلى حد التدخل في الشأن الداخلي التونسي.. خاصة في سنوات "الهبال" الأكبر الذي عاشته الجزائر بين 89- 1993. ويمكنني هنا أن أقدم شهادة عشتها شخصيا، فقد سافرت إلى تونس مرة مع رئيس حكومة الجزائر، سيد أحمد غزالي، على متن طائرة رئاسية خاصة من نوع "فرومان" وكانت الزيارة سرية ولم يكن في الطائرة غير رئيس الحكومة غزالي ومسؤول تشريفاته والمضيفة وطاقم الطائرة وأنا .. كان ذلك على ما أذكر في نوفمبر 1991 .. وقد ذهب غزالي مباشرة إلى قصر قرطاج؛ حيث تقابل مع الرئيس بن علي على مائدة غداء .. وبعد ساعتين عدنا إلى الجزائر .. وفي الجو سألت رئيس الحكومة غزالي بفضول الصحافي عن سر ومحتوى هذه الزيارة الخاطفة والسريعة والسرية .. فقال لي: أجيبك بما هو غير قابل للنشر .. فحركت رأسي موافقا على عدم نشر محتوى ما يقوله. فقال لي: جئت حاملا رجاء من الرئيس الشاذلي لبن علي بأن لا ينفذ حكم الإعدام الذي أصدره القضاء التونسي في حق الإسلاميين التسعة الذين حكم عليهم بالإعدام آنذاك ! فسألت ثانية .. وهل استجاب بن علي لرجاء الرئيس الشاذلي" : فقال غزالي: لا رفض طلب الشاذلي ! فقلت: لماذا .. فقال: لأنه يعتقد بأن الجزائر هي التي تقوم بتشجيع الإسلاميين في تونس على إثارة الشغب .. فقلت له : وهل الجزائر بالفعل قامت بذلك ؟ .. فضحك وقال: هناك شيء من الصحة وهناك شيء من التقول .. لكن في هذا الظرف قام الغنوشي بإطلاق تصريحات مسيئة لتونس وللجزائر في وقت واحد .. وكانت هذه التصريحات أحد أسباب مغادرته للجزائر إلى بريطانيا ..