واصل المجلس المركزي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية أشغال دورته ال30 امس ولليوم الثاني على التوالي، في وقت تمر فيه القضية والشعب الفلسطينيين بأخطر المراحل في ظل تصعيد الاحتلال لعدوانه الممنهج ضد الفلسطينيين ومقدساتهم وتكثيفه لعمليات الاستيطان، وسط اصرار القيادة الفلسطينية على الصمود والتمسك بحقوق وثواب شعبها، مع تأكيد رفضها مجددا لصفقة القرن الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية. واجتمع المجلس المركزي الفلسطيني امس ولليوم الثاني بمدينة رام الله حول محور: الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية لمناقشة ما تتعرض له القضية الفلسطينية من هجمة شرسة تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وسط توقعات بأن المجلس مقبل على الشروع قرارات صعبة وفي غاية الاهمية نظرا للمرحلة الخطرة والتاريخية التي تشهدها القضية، وفق ما أوضح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته الافتتاحية أمام أعضاء المجلس المركزي. ودق الرئيس الفلسطينيى ناقوس الخطر في كلمته، قائلا: إن المرحلة التي نمر بها، قد تكون أخطر المراحل التي عاشها شعبنا الفلسطيني، وإننا أمام لحظة تاريخية إما أن نكون أو لا نكون ، مضيفا: إننا مقبلون على قرارات غاية في الأهمية والصعوبة . كما جدد الرئيس عباس رفض الشعب الفلسطيني لما يسمى ب صفقة القرن الامريكية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتي لم يفصح رسميا عن مضمونها، مشددا أنه إذا مر وعد بلفور فلن تمر صفقة القرن، لأنها لا تلبي الحد الأدنى من العدالة للشعب الفلسطيني. وكانت الإدارة الأمريكية سارعت في الاشهر الماضية خطوات طرح ما يسمى ب صفقة القرن الهادفة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وسط رفض فلسطيني لمضمون المبادرة ولقبول بواشنطن وسيطا لعملية السلام، بسبب انحيازها المفضوح للقوة القائمة بالاحتلال لاسيما بعد أن أقدمت واشنطن على اعتبار القدس عاصمة للاحتلال ونقل سفارتها إليها، وإغلاق مكتب منظمة التحرير على أراضيها وقطع المساعدات عن وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا . ويرى الفلسطينيون أن خطة صفقة القرن التي سربت وسائل الاعلام الدولية بعض مضامينها، تهدف لتصفية القضية الفلسطينية بعدما أخرجت قضايا القدس واللاجئين من طاولة المفاوضات، كما تتضمن إعلان حرب أمريكية على وكالة (أونروا) بغرض تصفية الوكالة، كونها تشكل الذاكرة التراكمية لملف اللاجئين والقضية الفلسطينية، كما أن الصفقة لا تتحدث عن حدود الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967 وتتجاهل القضايا المفصلية التي تشكل ثوابت القضية الفلسطينية، وبالتالي هي مرفوضة فلسطينيا ولا يمكن التعاطي معها. وبالمناسبة، دعا الرئيس الفلسطيني في خطابه أمام المجلس المركزي أبناء الشعب الفلسطيني إلى التوحد خلف منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وطالب بالتمسك بالوحدة والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال، مؤكدا: سنبقى صامدين على أرضنا متمسكين بحقوقنا وثوابتنا ولن نكرر ما جرى في 1948 و1967 . كما جدد الرئيس عباس التأكيد على أنه لا دولة في قطاع غزة ولا دولة دون غزة، مشددا على أن فلسطينوالقدس ليست للبيع أو المساومة، ونرفض الدولة ذات الحدود المؤقتة . عدوان ممنهج بحق الفلسطينيين وجاء انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في خضم استمرار سلطات الاحتلال في انتهاكاتها اليومية الممنهجة لحقوق الفلسطينيين ومقدساتهم عبر مختلف الاشكال والاساليب القمعية من بناء المستوطنات واقتحامات متكررة للمسجد الاقصى ، واعتقال وهدم البيوت واقتلاع الاشجار واعتداء على الصيادين وقتل أبناء الشعب الفلسطيني. ولا يمر يوم واحد من دون أن تقتل قوات الاحتلال فلسطينيا أو أكثر وتصيب بالجراح مئات وتعتقل العشرات في عملية ممنهجة هادفة للقضاء على الشعب الفلسطيني وفرض الاحتلال كأمر واقع، علما أن عدد القتلى الفلسطينيين برصاص الاحتلال في اطار مسيرات العودة بقطاع غزة بلغ 214 الى جانب آلاف الجرحى وسط اصرار الفلسطينيين على مواصلة هذه المسيرات السلمية التي انطلقت منذ نهاية مارس الماضي، للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها في 1948، وهو العام الذي قامت فيه إسرائيل على أراض فلسطينية محتلة وبرفع الحصار على قطاع غزة. وتعد قضية قرية الخان الاحمر ، التي اتخذها المجلس المركزي الفلسطيني عنوانا لدورته ال30 المنعقدة في رام الله، من بين آخر الانتهاكات الاسرائيلية في سجل اسرائيل الحافل بالاعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم، حيث تسعى سلطات الاحتلال الى هدم القرية وتهجير قسري لأهاليها الذين سكنوا هناك منذ عام 1953 من أجل اقامة مشاريع استيطانية تعزل القدس الشرقية عن محيطها، وتقسم الضفة الغربية إلى قسمين بما يؤدي إلى تدمير خيار حل الدولتين. وقد أدان المجتمع الدولي بما فيه الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي هذا الاجراء الاسرائيلي، حيث جدد مسؤول الإعلام بمكتب الاتحاد الأوروبي في فلسطين شادي عثمان التأكيد، ان كافة الاتصالات التي يجريها الاتحاد حاليا تنصب على كيفية منع إسرائيل من الإقدام على هدم قرية الخان الأحمر شرق القدسالمحتلة. و أضاف شادي عثمان، أن قضية الخان الأحمر ليست قضية معزولة عن غيرها، إذ أن هناك العديد من المناطق المصنفة (ج) مهددة بنفس الاجراء، مشيرا الى أن القيام بمثل أي إجراءات مماثلة لما يحدث في الخان الأحمر، يعني التقسيم والسيطرة على هذه المناطق، وبالتالي يجعل حل الدولتين شبه مستحيل. وامعانا في عدوانها، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة مداهمات وإعتقالات واسعة طالت أربعة عشر فلسطينيا في مناطق مختلفة بالضفة الغربيةالمحتلة، حسب نادي الاسير الفلسطيني، ليفوق عدد المعتقلين الفلسطينيين لدى الجانب الإسرائيلي 6500 معتقل، وفق إحصائيات رسمية صادرة عن هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويشهد المسجد الأقصى، بدوره، اقتحامات شبه يومية من قبل المستوطنين، في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد وعلى المسلمين، فيما يرفض المرابطون في الأقصى كافة محاولات الاحتلال لتقسيمه. وعلى الصعيد ذاته، أعلن الإحتلال الإسرائيلي أول أمس عزمه بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة (معالية أدوميم) شرق القدسالمحتلة في سياق عمليات توسيع الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة بهدف قطع الطريق على أي تواصل مع محيطها الفلسطيني، وتكريس المشروع الاستعماري التوسعي ضمن ما يسمى بالقدس الكبرى. واعتبرت الخارجية الفلسطينية، أن هذا المشروع الاستيطاني الجديد يغلق الباب نهائيا أمام أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، ويفشل أي جهود تبذل لإطلاق عملية سلام حقيقية، باعتبار أن الاستيطان يعد عقبة رئيسية في عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.