رفض شعبي للندوة المرتقبة يوم الغد يتربص شبح الفشل بالمشاورات التي أطلقها رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، بعد إعلان كبرى الأحزاب السياسية المعارضة والشخصيات الوطنية والمنظمات الحقوقية مُقاطعتها لها، انسجاما مع الرفض الشعبي. تنظم رئاسة الجمهورية لقاء هاما مع التشكيلات السياسية غدا يجمع كل الأحزاب السياسية الناشطة على الساحة، كما يضم اللقاء الجمعيات الناشطة عبر الوطن، بعدما وجهت الرئاسة دعوات لكل الأطراف لندوة تشاورية، حضرها خبراء وشخصيات مختصة في القانون الدستوري، حيث تم توجيه دعوات لعدة شخصيات وطنية ورؤساء أحزاب، للتشاور وتوفير أجواء شفافة تحضيرا لرئاسيات 4 جويلية المقبل. ويسعى بن صالح، بحسب تعهدات سياسية أطلقها يوم تسلمه منصب رئيس الدولة في التاسع من افريل الجاري، إلى إجراء مشاورات مع القوى السياسية والمدنية، لإنشاء هيئة مستقلة يعهد إليها تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، وبإصدار القوانين المؤسسة والمنظمة لعملها، وتسهر الحكومة والمصالح العسكرية والمدنية على مساعدتها على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الرابع من جويلية المقبل، وكذا بشأن توفير الشروط لإجراء انتخابات شفافة وديمقراطية، بما يتيح لشعبنا تكريس إرادته السيدة بكل شفافية. هذه هي محاور الندوة المرتقبة وأعلنت رئاسة الجمهورية، عن تنظيم لقاء تشاوري، غدا، بقصر الأمم نادي الصنوبر، حيث وجهت دعوة إلى عشرات الشخصيات من سياسيين وقادة أحزاب سياسية وممثلي المجتمع المدني والجمعيات وشخصيات وطنية، إلى جانب مختصين في المسائل القانونية والدستورية. وجاء في نص الدعوة التي وجهتها رئاسة الجمهورية للمشاركين في الاجتماع: كما تعلمون، وتحسبا لإجراء انتخابات رئاسية في اجل لا يتعدي التسعون يوما، طبقا لنص الدستور، التزم رئيس الدولة باستجماع كل الشروط القانونية الضرورية لا جراء انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة تتيح لشعبنا تجسيد إرادته وتكرس خياره بكل حرية . وجاء في نص الدعوة: لذلك، باشر رئيس الدولة على وجه السرعة، بإحداث هيئة وطنية لتحضير الانتخابات وتنظيمها، مبادرة كان قد أعلن عنها في خطابه الموجه للأمة في التاسع افريل ، وتضمنت الدعوة كذلك: ووعيا منه بضرورة إرساء جو من الثقة الموسوم بالشفافية، عكف رئيس الدولة على أن يتم إعداد الإطار القانوني المتعلق بالموضوع في اقرب الآجال، بالتشاور مع الطبقتين السياسية والمدنية . رقعة المقاطعة تتوسع وفور وصول الدعوة إليهم، أعلنت أحزاب حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية واتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية وباقي التشكيلات التي كانت منضوية في تكتل المعارضة، مقاطعتها لهذا الاجتماع، بداعي أن مشاورات بن صالح المرفوض شعبيا ستزيد من عمق الأزمة السياسية وتمثل استفزازا خطيرا للشعب. وأعلن رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، عن رفضه الاستجابة لدعوة رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، للتشاور ومقاطعة اجتماع يوم 22 أفريل الجاري، حول هيئة تحضير وتنظيم الانتخابات. وجاء في المراسلة التي بعث بها بن فليس لرئيس الدولة، عبد القادر بن صالح: أبلغكم بأنني لن أشارك في المشاورات المزمع تنظيمها من طرف رئاسة الدولة والتي دعوتموني إليها، إنني كمواطن أتقاسم مع شعبنا كل مطالبه الشرعية والعادلة، وكمسؤول سياسي يملي عليّ الواجب العمل في حدود إمكانياتي وقدراتي للإسهام في تحقيق هذه المطالب الواعدة بالنسبة للمواطنة الجديدة ولدولة الحق والقانون وللجمهورية الديموقراطية الحديثة . وفي ذات السياق، اعتبرت حركة مجتمع السلم أن اللقاء الذي دعا إليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، هو بذاته اعتداء على الإدارة الشعبية، وزيادة في تأزيم الأوضاع. وأعلنت أنها لن تحضر هذا الاجتماع، وتدعو جميع القوى السياسية والمدنية إلى مقاطعته. وتذكّر حركة مجتمع السلم النظام السياسي، أن سياسة فرض الأمر الواقع هي التي أوصلت البلد إلى ما نحن عليه، وأن الاستمرار في التعنت في عدم الاستجابة للشعب الجزائري الذي طالب بإبعاد رموز النظام في إدارة المرحلة الانتقالية والشروع في انتقال ديمقراطي حقيقي عبر الحوار والتوافق الوطني، ستكون عواقبه خطيرة على الجزائر والجزائريين يتحمل أصحاب القرار الفعليين مسؤوليته. كما أعلن حزب الجبهة الوطنية الجزائرية رفضه دعوة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح من أجل التشاور حول الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد. وجاء في بيان للحزب الذي يرأسه موسى تواتي: تعتبر الجبهة الوطنية الجزائرية الدعوة إلى التشاور حول ما يسمى بالانتخابات الرئاسية تفكير لا موضوع له ما لم يجد الوضع القائم منفرجا يؤدي إلى ضمان كافة مطالب الحراك الشعبي وإرساء سلطة الشعب على أنقاض سلطة النفوذ والفساد المالي والأخلاقي والوصاية الاستعمارية . من جهته، اكد رئيس حزب الشباب حمانا بوشرمة، انه يرفض حضور هذه الندوة ومواصلة الاصطفاف الى جانب الشعب. وفي غضون ذلك، وجه رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام، رسالة رفض الى رئاسة الدولة وقرر مقاطعة الندوة. واعتبر اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية ندوة بن صالح استفزازية، وقال الحزب في بيان له أنه تلقى دعوة من رئاسة الجمهورية للمشاركة يوم الغد في جلسة تشاورية حول الأزمة يقودها رئيس الدولة. وأوضح حزب اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، أنه إيمانا منه بالسيادة الشعبية المكَرَسة دستوريا والتي أسقطت الشرعية عن رئيس الدولة، والتزاما بما اتفقنا عليه خلال اجتماع الاحزاب والشخصيات الوطنية غداة تنصيب رئيس الدولة برفض التعامل مع من يرفضه الشعب، فإن الحزب لن يشارك في هذه المشاورات التي اعتبرها استفزازية للشعب الجزائري الذي يطالب بتغيير حقيقي بذهاب بقايا رموز النظام القديم. وأعلن المكتب الوطني لحركة النهضة، بقيادة الأمين العام يزيد بن عائشة، أنه بناء على الدعوة الصادرة عما يسمى برئاسة الدولة المتضمنة ندوة حوار، فإن الحركة تعلن عن مقاطعتها لهذه الندوة من منطلق رفض القائمين عليها والمنادين لها. بدوره، أعلن حزب التجديد والتنمية عدم المشاركة في ندوة الإثنين، وأكد رئيسه أسير طيبي في بيان أمس، أنه تلقى دعوة للمشاركة في ندوة المشاورات السياسية، لكنه قرر تجاهلها وعدم المشاركة فيها لكونها مخالفة للإرادة الشعبية التي تلحّ على الذهاب إلى مرحلة انتقالية من دون رموز النظام السابق. وأضاف أن الحراك الشعبي هو وحده ما سيكرّس الشرعية في الدولة ومؤسساتها، داعياً حزبه إلى مواصلة الحراك الشعبي حتى تحقيق كافة المطالب الشعبية. رفض شعبي ومن جانب نشطاء الحراك، أبرز مصطفى بوشاشي المحامي والحقوقي، في تسجيل صوتي له، أن النظام بهذه المشاورات يعبر عن استهتاره بالشعب، مُطالبا الشخصيات الوطنية برفض التوجه إلى قصر المرادية. بدوره، قال رئيس الحكومة الجزائرية السابق، أحمد بن بيتور، إن لا علاقة له بالمشاورات التي شرع فيها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، يوم الخميس الماضي. كما أعلنت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تحفظها عن المشاركة، وقالت إن هذه العملية هي بمثابة إدارة ظهر للجزائريين. كما عبّر المحتجون في مسيرات الجمعة الماضية، عن رفضهم المُطلق لهذه المشاورات، واعتبروا من يشارك فيها خائنا للحراك الشعبي. وصبّ المتظاهرون جامّ غضبهم على المرشح الرئاسي السابق عبد العزيز بلعيد، رئيس جبهة المستقبل، الذي ظهر في صور مع رئيس الدولة في إطار المشاورات.