اعترفت رئيسة ميانمار، أونغ سان سو تشي، أمام محكمة العدل الدولية، باستخدام جيش بلادها ل قوة غير متناسبة في التعامل مع أقلية الروهينغا المسلمة، رافضة تهم الإبادة الجماعية الموجهة له، في محاولة للالتفاف على المساءلة الدولية والإفلات من العقاب، بالرغم من التقارير الأممية الصادمة حول فظاعة الجرائم المرتكبة من قبل جيش ميانمار في حق هذه الأقلية المسلمة. فخلال دفاعها عن بلادها أمام المحكمة الدولية، في اليوم الثاني من الجلسات المخصصة للنظر في شكوى تقدمت بها غامبيا ضد ميانمار تتهمها فيها بارتكاب جرائم القتل والإبادة الجماعية بحق أقلية الروهينغا، رفضت سان سو تشي، الحكم على عمليات جيش بلادها في إقليم راخين، بحق مسلمي الروهينغا بأنها كانت بدافع الإبادة الجماعية، مؤكدة أن المسلمين ليسوا طرفا في الصراع هناك. وقالت زعيمة ميانمار أنها لا تستبعد استخدام قوة غير متناسبة ، لكن هذا الأمر لا يرقى إلى حد الإبادة الجماعية ، مؤكدة أن جيش بلادها تجنب تنفيذ أي ضربات جوية بإقليم راخين ، إلا في حالة واحدة. كما حذرت رئيسة ميانمار - التي تعد من أوائل الزعماء الذين يخاطبون المحكمة مباشرة - محكمة العدل الدولية من اتخاذ أي قرار قد يفاقم الصراع في البلاد ، ويلحق الضرر بجهود السلام والمصالحة. وفي هذا الصدد، انتقدت سان سو تشي - التي انهارت صورتها الحقوقية بسبب موقفها الداعم لجيش بلادها رغم جرائمه بحق الروهينغا، بعدما كانت وإلى وقت قريب ، تعتبر رمزا للسلام - الشكوى التي تقدمت بها غامبيا بتكليف من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي ، وأكدت أنها تقدم صورة غير واقعية أو كاملة ، ومضللة للوضع في غرب ميانمار، مدعية أن ما يحدث جزء من نزاع داخلي مسلح. وكانت غامبيا قد رفعت دعوى قضائية لدى محكمة العدل الدولية ضد ميانمار، في 11 نوفمبر الماضي ، وقدمت ملفا مكونا من 46 صفحة، اتهمت خلاله السلطات في ميانمار بارتكاب عمليات قتل جماعي واغتصاب وتدمير للمجتمعات في ولاية (راخين) التي يقطن بها مسلمو الروهينغا. وتقول الدعوى أنه في أكتوبر عام 2016، بدأ الجيش في ميانمار حملة شرسة وصفتها منظمات دولية وأممية ب التطهير العرقي ضد مجتمع الروهينغا. وطلبت غامبيا من المحكمة، في دعواها، اتخاذ ما يسمى ب التدابير المؤقتة لضمان أن توقف ميانمار على الفور الفظائع والإبادة الجماعية التي ترتكبها في حق شعبها من طائفة الروهينغا . وبعد ثلاثة أيام من رفع هذه الدعوى، أجاز قضاة المحكمة الجنائية الدولية، فتح تحقيق في جرائم مزعومة مرتكبة في ميانمار ضد أقلية الروهينغا المسلمة، بما في ذلك أعمال العنف والترحيل التي قد تشكل جرائم ضد الإنسانية. وتعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها محكمة العدل الدولية بالتحقيق في مزاعم ارتكاب إبادة جماعية بنفسها دون الاعتماد على نتائج محاكمات أخرى، مثل محاكمة المحكمة الجنائية الدولية. ومحكمة العدل الدولية هي أعلى جهة قضائية تابعة للأمم المتحدة مهامها تتمثل في الفصل في النزاعات بين الدول. وبموجب قوانين العدل الدولي، فإنه يمكن للدول الأعضاء رفع دعاوى ضد دول أعضاء أخرى على خلفية النزاعات التي تزعم انتهاك القانون الدولي. ووقعت كل من غامبيا وميانمار على اتفاقية - منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها - التي تعود لعام 1948 والتي لا تمنع فقط الدول من ارتكاب الإبادة الجماعية، بل تفرض أيضا على جميع الدول الموقعة على الاتفاقية منع ومعاقبة منفذ هذه الجريمة.